وظاهره حمل إطلاق الخبر على هذا التفصيل الذي ذكره حيث أنه مقتضى القواعد عندهم ، وقال في الدروس بعد فرض المسئلة وان في الرواية المشهورة للثاني نصف درهم ، والباقي للأول ما لفظه ويشكل إذا ادعى الثاني النصف مشاعا فإنه يقوى القسمة نصفين ، ويحلف الثاني للأول وكذا كل مشاع. انتهى.
قال بعض الأفاضل (١) : وكأن نظره (٢) على أن النصف في الحقيقة بيد الأول والنصف بيد الثاني ، فمدعى التمام خارج بالنسبة الى الثاني ، فيكون البينة على الأول واليمين على الثاني ، لكن العدول عن الرواية المعتبرة مشكل ، وسيأتي إنشاء الله تعالى في لاحق هذه المسئلة ما فيه مزيد إيضاح للمقام.
ومنها ما لو أودعه إنسان دينارين وآخر دينارا وامتزج الجميع ثم تلف أحد الدنانير الثلاثة ، فإن الحكم هنا كما في سابق هذه المسئلة ، لما رواه
في الفقيه والتهذيب عن السكوني (٣) عن جعفر عن أبيه عن على (عليهمالسلام) «في رجل استودع رجلا دينارين واستودعه آخر دينارا فضاع دينار منها فقضى أن لصاحب الدينارين دينارا ويقتسمان الدينار الباقي بينهما نصفين».
وجملة من المتأخرين قيدوا الحكم المذكور بما إذا كان امتزاج الدنانير وكذا ضياع أحدهما بغير اختيار ولا تفريط من الأمين ، والا لكان ضامنا ، فيخرج
__________________
(١) هو الفاضل الخراساني في الكفاية. منه رحمهالله.
(٢) قوله وكأن نظره الى آخره ، أقول : توضيحه هو أنه من حيث كون الدرهمين في يديهما معا فكان الأمر يرجع في الحقيقة الى أن درهما في يد الأول وهو مدعى الدرهمين ، ودرهما في يد الثاني وهو مدعى الدرهم ، وحينئذ فمدعى الدرهمين خارج لكون ما يدعيه من الدرهمين ، ليس في يده ، وانما في يده واحد خاصة فيكون عليه البينة من حيث كونه خارجا ، واليمين على الثاني من حيث كونه منكرا لدعوى الدرهمين فيقدم قوله بيمينه ، فإذا حلف على نفى استحقاقه الدرهمين بقي الأخر بينهما انصافا أيضا ، قال : وهكذا في كل مشاع كما ذكر الشهيد ، ومنها لو كان في يديهما ثوب ادعاه أحدهما كملا وادعى الأخر نصفه ، فإنه يقدم قول الأخر بيمينه ويقسم الثوب بينهما انصافا ، والوجه في قسمة الدرهم الباقي إنصافا بعد التمثيل أنه قد سقط دعوى صاحب الدرهمين باليمين ، والأخر انما يدعى درهما خاصة ، وهو يتضمن الإقرار لصاحبه بدرهم ، فيبقى الدرهم الأخر بينهما. منه رحمهالله.
(٣) الفقيه ج ٣ ص ٢٣ ح ١٢ ، التهذيب ج ٧ ص ١٨١ ح ١٠ ، الوسائل ج ١٣ ص ١٧١ ح ١.