الرابع ـ الظاهر أنه لا خلاف بينهم في أن الوديعة كما تبطل بالفسخ تبطل بالموت والجنون والإغماء من أحد الطرفين ، أما على القول بكونها إذنا فواضح ، وأما على القول بكونها عقدا كما هو المشهور فلانه لا خلاف بينهم في كونه من العقود الجائزة ومن شأن العقود الجائزة البطلان بذلك كالوكالة ونحوها ، لخروج كل منهما عن أهلية التكليف بحصول أحد هذه الأسباب الثلاثة ، ولان المال انتقل الى الغير بالموت فلا يصح التصرف فيه الا بإذن المالك ، وهو الوارث ، وفي الجنون ونحوه قد خرج عن أهلية التكليف ، وصلاحية الاذن ، والتصرف فهو في معنى الميت ، ومتى ثبت البطلان كانت أمانة شرعية يجب ردها الى المالك فورا ، فان اتفق أحد هذه الأسباب للمودع وجب على المستودع المبادرة إلى ردها الى المالك في صورة الفسخ ، والى الوارث في صورة الموت والى الولي والحاكم في صورة الجنون والإغماء ، وان اتفق ذلك للمستودع وجب ردها الى المالك في صورة الفسخ والى الولي والحاكم في صورة الجنون والإغماء وعلى الوارث في صورة الموت قالوا : ومعنى كونها أمانة شرعية بعد ذلك لحصولها في يده بغير اذن المالك ، لكنها غير مضمونة عليه لإذن الشارع في وضع اليد عليها الى أن يردها على وجهه ، ومن حكم الأمانة الشرعية وجوب المبادرة بردها على الفور الى المالك ، أو من يقوم مقامه ، فإن أخر عن ذلك مع قدرته ضمن ، ولو تعذر الوصول الى المالك أو وكيله أو وليه الخاص سلمها الى الحاكم لأنه ولي الغائب ، بقي الكلام هنا في أنه متى مات المودع وطلب الوارث الوديعة من المستودع مع شك المستودع في كونه وارثا أو في انحصار الإرث فيه وأراد البحث عن ذلك ، وتحقيق الحال ، والحال أنه ليس ثمة حاكم يرجع اليه ، فهل يكون ضامنا؟ والحال هذه ، قال في المسالك : الأقوى عدم الضمان ، خصوصا مع الشك في كون الموجود وارثا ، لأصالة عدمه.
وأما مع العلم بكونه وارثا فالأصل أيضا عدم استحقاقه ، لجميع المال والقدر المعلوم انما هو كونه مستحقا في الجملة ، وهو لا يقتضي انحصار الحق