لأنه قائم مقامه في حفظ ماله ، وعمله لمصلحته.
وخالف فيه بعض العامة فجعلها على العامل ، لأن مؤنة الحفظ عليه ، وفيه أن العامل انما يجب عليه العمل ، وهو باذل له ، وخيانته لا ترفع ذلك ، ولا يجوز أن يجعل الأجرة من الأصل ، لأن في ذلك حق العامل ، فلا يصح بدون اذنه ، والله العالم.
السابعة ـ لا خلاف في أنه لو ظهرت الأصول المساقى عليها مستحقة للغير ، بطلت المساقاة كما صرحوا به ، الا أنه يجب تقييده بناء على قولهم بصحة العقد الفضولي بعدم اجازة المالك ، لان الغاصب عندهم ـ داخل في الفضولي كما قدمنا نقله عنهم في كتاب البيع ، (١) بل صرح به في المسالك هنا أيضا (فقال : ان المساقى الغاصب ـ لا يقصر عن كونه فضوليا ، فينبغي تقييده بما إذا لم يجز المالك المساقاة ، ثم اعترض على نفسه ، فقال : لا يقال : ان مثل ذلك لا يتصور فيه إجازة المساقاة مع وقوع العمل له بغير عوض ، فكيف ترضى بدفع العوض ، وهو الحصة مع ثبوتها له مجانا ، ثم أجاب بأن هذا الاستبعاد انما يتم لو كان الظهور بعد تمام العمل ، والمسئلة مفروضة في ما هو أعم ، فيمكن أن يبقى من العمل ما يؤثر المستحق منه دفع الحصة في مقابلة الباقي ، لأن الأغراض لا تنضبط ، انتهى وهو جيد لو قلنا بصحة الفضولي.
ثم انه مع الحكم ببطلان المساقاة فإن الثمرة تكون لمستحق الأصل ، لأنها نماء ملكه ، ولم يحصل الانتقال منه لا في الكل ولا في البعض ، وللعامل الأجرة على من ساقاه ، لانه استعمله بعوض لم يسلم له ، فيجب عليه دفع أجرة المثل ، كما تقدم ذكره من أن كل موضع تبطل المساقاة فالواجب أجرة المثل ، ويجيء على القول الأخر أقل الأمرين كما تقدم أيضا.
هذا كله مع جهل العامل كما هو مقتضى عنوان المسئلة وسياق الكلام ،
__________________
(١) ج ١٨ ص ٣٨١.