هذا ما شئت من فروض المسئلة ذكرنا منها هذا القدر للتدرب ، انتهى.
الخامسة ـ إذا هرب العامل بعد العمل ، وقبل إتمامه قالوا : انه لا يصح للمالك الفسخ بمجرد ذلك ، لان المساقاة من العقود اللازمة لا تنفسخ بمجرد هرب العامل ولا يتسلط المالك على فسخها فيستصحب اللزوم حتى يثبت الفسخ كما لو امتنع عن العمل مع حضوره ، بل للمالك أن يطلبه ويجبره على العمل فان أبى مع حضوره أو تعذر طلبه مع هربه فان حصل من يقوم بالعمل تبرعا ولو كان المالك بنفسه ، والا رفع الأمر إلى الحاكم فيطلبه ويجبره ، فان تعذر أخذ من ماله واستأجر عنه ، لإتمام العمل ، لانه مستحق عليه ، فان لم يكن له مال يستأجر بالدين عليه الى وقت الحاصل أو يستأجر من بيت المال قرضا عليه ، ولو تعذر جميع ذلك اما لعدم الحاكم ، أو لعدم من يعمل له أو لعدم بسط يده ، أو لعدم إمكان إثبات الحق عنده ، تخير المالك بين فسخ المساقاة دفعا للضرر ، وبين إبقائها.
أقول : حيث كان الحكم المذكور غير منصوص لا بالعموم ولا الخصوص فللمناقشة فيما ذكروه مجال ، وللقائل فيه مقال ، فإنه يمكن أن يتطرق اليه الاحتمال بأن يقال : لو كان العقد يقتضي كون العمل من العامل خاصة أو أنه لا يوجب العمل المشترط من غيره ، فينبغي جواز الفسخ للمالك ، للزوم الحرج والضرر لو لم يجز له ذلك ، وان وجد باذل متبرع أو حاكم يعين من يقوم بالعمل فهو ظاهر بل يمكن القول بجواز الفسخ له مع الإطلاق أيضا ، خصوصا مع عدم الباذل ، وما ذكروه من التكلفات بالرجوع الى الحاكم وما أوجبوه على الحاكم كله منفي بالأصل ويؤيده أن حقه ثابت في ذمة العامل ، فله أن لا يقبل من غيره ، ولا يجب عليه تحصيله من غيره وان أمكنه ، ولأن الحصة انما جعلت له بشرط العمل فإذا امتنع عنه سقط حقه كما قالوا في البيع من أن لأحد المتبايعين الامتناع من حق الأخر على تقدير امتناع ذلك الأخر ، وكذا الإجارة.
ويعضده أيضا أن شرط العمل هنا ليس بأقل من الشروط المذكورة في