متزلزل بخلاف الجعالة ، فإنها لا ثبوت لها أصلا حتى يكمل الفعل كما عرفت.
نعم يمكن أن يستدل على هذا القول بظاهر قوله عزوجل (١) «وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ» فان فيها دلالة على جواز ضمان مال الجعالة قبل العمل ، لانه ضمنه قبل العمل ، وقد استدل الفقهاء بهذه الآية على جملة من مسائل الجعالة والضمان ، والظاهر أن ما نحن فيه من قبيل ذلك.
وقطع العلامة في التذكرة بعدم الجواز قبل الشروع في العمل ، لانه ضمان ما لم يجب ، واستقرب الجواز بعد الشروع ، هذا بالنسبة إلى الجعالة ، وأما مال السبق والرماية فلا إشكال في جواز ضمانه بعد العمل كما تقدم ، وأما قبله ، فإنه يبنى على كونه جعالة أو إجارة ، وفيه خلاف سيأتي ذكره إنشاء الله تعالى في موضعه ، قال في المسالك : والأقوى أنه عقد لازم كيف كان فيلزم المال فيه بالعقد فيصح ضمانه.
الثانية : اختلف الأصحاب في مال الكتابة المشروطة هل يصح ضمانه أم لا؟ فقيل : بالثاني ، لأنه ليس بلازم ولا يؤل الى اللزوم ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط ، قال : لانه ليس بلازم في الحال ، ولا يؤل الى اللزوم لان للمكاتب إسقاطه بفسخ الكتابة للعجز فلا يلزم العبد في الحال ولا يؤول إلى اللزوم ، لأنه إذا أداه عتق ، وإذا عتق خرج عن أن يكون مكاتبا ، فلا يتصور أن يلزمه في ذمته مال الكتابة بحيث لا يكون له الامتناع ، ولان الضمان إثبات مال في الذمة ، والتزام لأدائه ، وهو فرع للمضمون عنه ، فلا يجوز أن يكون المال في الأصل غير لازم ويكون في الفرع لازما ، فلهذا منعنا من صحة ضمانه.
والمشهور الجواز ، وبه صرح المحقق والعلامة ، والخلاف هنا مبنى على الخلاف في مال الكتابة المشروطة هل هو لازم أم لا؟ وحيث أن مذهب الشيخ عدم لزومه من قبل العبد ، لانه لو عجز نفسه رجع ، وقد بنى عليه مسئلة الضمان.
ومذهب الأصحاب لما كان هو القول باللزوم ثمة ، قالوا : باللزوم هنا.
__________________
(١) سورة يوسف الآية ٧٢.