الثامن : لو سافر بالمال للمضاربة فاتفق عزله في السفر ، وانتزع المال منه كانت نفقة الرجوع عليه ، لأنه إنما استحق النفقة في السفر للمضاربة ، وقد ارتفعت بالفسخ وعزله عنها.
وما توهمه بعض العامة من حصول الضرر عليه مردود ، بأن دخوله في عقد يجوز فسخه كل وقت قدوم منه على ذلك ، وهذا القائل أثبت له نفقة الرجوع لما ذكره وفيه ما عرفت. والله العالم.
الخامسة : قد صرح جملة من الأصحاب بأن مقتضى إطلاق الاذن في المضاربة هو البيع نقدا بثمن المثل من نقد البلد ، فلو خالف لم يمض الا مع اجازة المالك ، وكذا مقتضى الإطلاق هو ان يشترى بعين المال ، فلو اشترى في الذمة لم يصح الا مع الإجازة.
وتفصيل الكلام في هذه الجملة أن يقال انه لما كان عقد المضاربة محمولا على ما هو المتعارف في التجارة والموجب لتحصيل الربح وجب قصر تصرف العامل على ما يوجب حصول الغاية المذكورة.
قال في التذكرة : لما كان الغرض الأقصى من القراض تحصيل الربح ، والفائدة وجب أن يكون تصرف العامل مقصورا على ما يحصل هذه الغاية الذاتية وان يمنع من التصرف المؤدي الى ما يضادها فينفذ تصرفه بما فيه الغبطة والفائدة ، كتصرف الوكيل للموكل لأنها في الحقيقة نوع وكالة ، وان كان له أن يتصرف في نوع مما ليس للوكيل التصرف به تحصيلا للفائدة ، فإن له أن يبيع بالعروض ، كما له أن يبيع بالنقد بخلاف الوكيل ، فان تصرفه في البيع انما هو بالنقد خاصة ، لأن المقصود من القراض الاسترباح ، والبيع بالعروض قد يكون وصلة اليه وطريقا فيه ، وأيضا له أن يشترى المعيب إذا رأى فيه ربحا بخلاف