لكن بقي الكلام في أنه لو أطلق له الاذن ولم يشترط له الأداء من كسبه ، ولا الصبر الى أن يعتق ، فهل يتعلق بذمته أم بكسبه ، قولان : قال في المبسوط : قيل : انه يتعلق بكسبه ، وقيل : انه يتعلق بذمته ، وان عينه في ذمته أو كسبه أو غيرهما من أمواله تعين ، ووجب قضاؤه ، ولم يرجح الشيخ هنا شيئا من القولين المذكورين ، وعلل القول الأول بأن إطلاق الضمان أعم من كل منهما ، والعام لا يدل على الخاص ، فلم يقع من المولى ما يدل على التزامه في ملكه ، وكسبه ملكه ، ولأن الاذن في الكلي ليس إذنا في الجزئي المعين ، وان كان لا يوجد إلا في ضمنه كما حقق في الأصول ، وعلل القول الثاني بأنه انما يتعلق بكسبه ، لأن إطلاق الضمان انما يحمل على الضمان الذي يستعقب الأداء ، فإنه المعهود ، والأداء من غير مال السيد يمتنع ، وكذا في مال غير الكسب ، والا لكان هو الضامن لا العبد ، وهو خلاف التقدير فيكون في كسبه ، قال في المسالك : والبحث في ذلك قريب مما لو أذن له في الاستدانة فينبغي ترتب قول ثالث ، وهو ان الضمان يتعلق بالمولى ولا يختص بكسب العبد ، ولعله أقوى. انتهى.
أقول : هذا القول الثالث مستقر على حمله هذه المسألة على مسألة الاذن في الاستدانة ، فإنه لا إشكال في كون ذلك على السيد ، سواء كان الاستدانة للعبد أو السيد كما تقدم تحقيقه في كتاب الديون ، وحينئذ فيتجه هنا هذا القول الثالث بناء على ذلك ، وهو قريب من حيث الاعتبار ، لأن الاذن في الضمان في معنى الاذن في الاستدانة ، الا أن المسألة لخلوها من النص بجميع شقوقها محل اشكال. والله العالم.
الثاني ـ هل يشترط علم الضامن بالمضمون له ، والمضمون عنه ، ومعرفتهما بنسبهما أو وصفهما ، قيل : نعم ، وقيل : لا يشترط ، وقيل : يشترط معرفة المضمون عنه دون معرفة المضمون له ، والقول الأول ـ للشيخ في المبسوط ، والثاني له أيضا في الخلاف ، وهو اختيار المحقق في الشرائع ، والشهيد ، والعلامة في غير المختلف ، والشهيد الثاني في المسالك وجماعة ، والثالث للعلامة في المختلف ، وعلى القول