وكيف كان فالمراد هنا عندنا بالضمان هو المعنى الأخص وهو التعهد بالمال من البريء والمتبادر من إطلاق لفظ الضمان في كلامهم هو المعنى الأخص ولذا ان جملة منهم أفراد لكل من الثلاثة كتابا على حده وبعض لاحظ المعنى الأعم ، وجعل الثلاثة في كتاب واحد ، وقسمه الى الأقسام الثلاثة كالمحقق في الشرائع ، والعلامة في الإرشاد وغيرهما في غيرهما ، وعلى هذا النهج جرينا في هذا الكتاب ، وحينئذ فالبحث في هذا الكتاب يقع في مقاصد ثلاثة
الأول في الضمان بالمعنى الأخص وهو التعهد بالمال من البريء وفيه بحوث ثلاثة : الأول ـ في الضامن : والكلام فيه يقع في مواضع ، أحدها ـ لا خلاف في أنه يشترط في الضامن جواز التصرف المالي ، فلا يصح ضمان الصبي ولا المجنون ، بل الغافل والساهي أيضا ، والظاهر أنه لا خلاف فيه كما ذكره بعضهم ، والظاهر أن السفيه المحجور عليه لسفهه كذلك ، وبه صرح في التذكرة وغيرها.
وأما المملوك فان ضمن بغير اذن سيده ففي صحته قولان : أحدهما ـ وبه قطع المحقق في الشرائع من غير نقل خلاف ـ العدم ، وهو قول الشيخ وابن الجنيد ، واستدلوا عليه بأن العبد لا يقدر على شيء ـ كما وصفه الله تعالى (١) وذمته مملوكة للمولى ، فلا يملك إثبات شيء فيها إلا باذنه.
وقيل : بالصحة ، واختاره العلامة في المختلف ، وقربه في التذكرة ، وعلل بانتفاء الضرر على المولى ، لان استحقاق المطالبة له بما يستقر في ذمته بعد العتق لا ضرر فيه ، كما لو استدان بغير اذن سيده ، وأجاب في المختلف عن الآية بأن المراد بالشيء المال ، لقوله في مقابلته : ـ «وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً» والمسألة محل توقف واشكال ، وان كان ضمانه باذن سيده ، فإنه يصح إجماعا كما ذكره العلامة في المختلف.
__________________
(١) سورة النحل الآية ٧٥.