اعنى حوالة المشتري البائع بالثمن كما مر في المسألة الاولى ، وحوالة البائع الأجنبي بالثمن على المشترى.
وتوضيحه أن صحة الحوالة فرع استحقاق البائع الثمن ، وثبوته له على كل من التقديرين المذكورين ، ومع تبين بطلان البيع من أصله يظهر عدم استحقاق البائع الثمن في ذمة المشترى في نفس الأمر.
والتحقيق أن الحوالة وقعت باطلة من أصلها ، الا أنه انما انكشف البطلان بظهور بطلان البيع ، وعدم استحقاق الثمن ، فيكون بطلان البيع كاشفا عن بطلانها ، وحينئذ فإن كان البائع بالنسبة إلى المسألة الأولى أو المحتال بالنسبة إلى الثانية لم يقبض ، فليس له القبض بظهور البطلان كما عرفت ، وان كان قد قبض ، فإن للمشتري أن يرجع عليه بذلك ، وللمشتري أيضا الرجوع في المسئلة الثانية (١) على البائع بما قبضه محتاله ، لانه قد وفى عنه ما في ذمته للمحتال ، وهو الأجنبي ، فقبضه منسوب اليه ، وليس للمشتري الرجوع في المسألة الاولى ، وهي ما إذا أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر على ذلك الشخص الأخر المحال عليه لصدور القبض باذنه ، وانما يرجع على البائع. والله العالم.
المقصد الثالث في الكفالة :
المفهوم من جملة من الاخبار كراهة الكفالة والتأكيد في المنع منها ، فروى في الكافي عن حفص بن البختري (٢) في الصحيح قال : «أبطأت عن الحج ، فقال لي أبو عبد الله عليهالسلام : ما أبطأ بك عن الحج؟ فقلت : جعلت فداك تكفلت برجل فخفر بي فقال : مالك والكفالات ، أما علمت أنها أهلكت القرون الاولى ، ثم قال : ان قوما أذنبوا ذنوبا كثيرة فأشفقوا منها وخافوا خوفا شديدا ، فجاء
__________________
(١) وهي ما إذا أحال البائع أجنبيا على المشترى بالثمن ، ووجه رجوعه على البائع ان البائع إنما أحال بالثمن على المشترى للأجنبي ، لأنه مشغول الذمة للأجنبي ، فيكون المشترى قد أدى عنه ما في ذمته باذنه ، فيرجع به عليه حينئذ ، فعلى هذا يتخير بين الرجوع على البائع وعلى محتاله. منه رحمهالله.
(٢) الكافي ج ٥ ص ١٠٣ ح ١ باب الكفالة والحوالة.