أقول : قال العلامة في التذكرة (١) وهل يزول عن الغاصب ضمان الغصب بعقد المضاربة عليه أو بدفعة إلى بائع السلعة للقراض؟ أبو حنيفة ومالك على الأول ، لأنه ماسك له باذن صاحبه ، والشافعي على الثاني لعدم التنافي بين القراض وضمان الغصب كما لو تعدى فيه ، والوجه عندي الأول ، لأن ضمان الغصب يتبع الغصب والغصب قد زال بعقد القراض ، فيزول تابعه انتهى.
والظاهر أن الحق في المسئلة هو ما ذكره العلامة ، وبيانه أنه لا ريب أن ترتب الضمان على الغصب ـ ووجوب الضمان على الغاصب ـ انما هو من حيث كون المقبوض كذلك بغير رضا المالك ولا أجازته ، وحينئذ فلو فرض ان المالك رضى بالغصب وأجاز قبض الغاصب ، لا يتعقبه ضمان ولا اثم ، وبذلك يعلم أن الضمان وعدمه دائر مدار الرضا بالقبض وعدمه ، ولا أظن أن شيخنا المذكور ولا غيره يخالف في شيء مما ذكرناه.
وحينئذ فإذا حصلت المضاربة بذلك المال المغصوب قد حصل الرضا بالقبض ، فيزول موجب الضمان كما عرفت.
وأما قول شيخنا المذكور أنه لا مانع من اجتماع صحة القراض مع الضمان ، وهو صحيح ، الا أن ذكر ذلك هنا نوع مغالطة ، فإنا لا نمنع ذلك ، ولكنا نقول أن ثبوت الضمان متوقف على وجود سبب يقتضيه ، وفي ما ذكره السبب موجود ، وهو المخالفة ، وأما فيما نحن فيه فلا سبب له الا استصحاب الضمان وقت الغصب ، والاستصحاب هنا غير تام ، لعروض حالة أخرى غير الحالة التي كان عليها وقت الغصب ، وشرط العمل بالاستصحاب على تقدير تسليم حجيته أن لا يعرض ما يخالف العلة الاولى ويرفعها ، والأمر هنا على خلاف ذلك ، لما عرفت من عدم الرضا
__________________
(١) أقول : صورة كلام التذكرة إذا ثبت هذا فإذا اشترى شيئا للقراض وسلم المال المغصوب إلى البائع صح وبرء من الضمان حيث سلمه باذن صاحبه ، فإن المضاربة تضمنت تسليم المال إلى البائع في التجارة وهل يزول عن الغاصب الى آخر ما هو مذكور في الأصل منه رحمهالله.