ضررا في نفسه أو ماله أو على أحد من إخوانه المؤمنين ولا بأس به ، وقال في التذكرة أيضا : الوديعة مشتقة من ودع يدع : إذا استقر وسكن ، أو من قولهم يدع كذا أى يتركه ، والوديعة متروكة مستقرة عند المستودع ، وقيل : إنها مشتقة من الدعة ، وهي الخفض والراحة ، يقال : ودع الرجل : فهو وديع وو ادع ، لأنها في دعة عند المودع ، لا تتبدل ولا تتبذل ولا تستعمل ، والوديعة يطلق في العرف على المال الموضوع عند الغير ليحفظه ، والجمع الودائع ، واستودعته الوديعة أي استحفظته إياها ، وعن الكسائي أو دعته كذا : إذا دفعت إليه الوديعة فقبلها ، وأو دعته كذا : إذا دفع إليك الوديعة فقبلتها ، وهو من الأضداد والمشهور في الاستعمال المعنى الأول ، انتهى.
أقول : قال في كتاب المصباح المنير : والوديعة : هو فعلية بمعنى مفعولة ، وأودعت زيدا مالا ، دفعته اليه ليكون عنده وديعة ، وجمعها ودائع ، واشتقاقها من الدعة وهي الراحة ، أو أخذته منه وديعة ، فيكون الفعل من الأضداد ، لكن الفعل في الدفع أشهر ، واستودعته مالا ، دفعته له وديعة يحفظه ، وقد ودع زيد بضم الدال وفتحها وداعة بالفتح ، والاسم الدعة وهي الراحة ، وخفض العيش والهاء عوض من الواو ، انتهى.
وقد عرفها بعض الفقهاء بأنها الاستنابة في الحفظ ، وعرفها في التذكرة بأنها عقد يفيد الاستنابة في الحفظ ، وهو أظهر قال : وهي جائزة من الطرفين بالإجماع ، ولكل منها فسخه ، ولا بد فيها من إيجاب وقبول ، فالإيجاب كل لفظ دل على الاستنابة بأي عبارة كان ، ولا ينحصر في لغة دون أخرى ، ولا في عبارة دون أخرى ، ولا يفتقر الى التصريح ، بل يكفى التلويح والإشارة ، والقبول قد يكون بالقول ، وهو كل لفظ يدل على الرضا بالنيابة في الحفظ ، بأي عبارة كان ، وقد يكون بالفعل ، وهل الوديعة عقد برأسه؟ أو اذن مجرد ، الأقرب الأول ، انتهى.