فان حلف برأ من دعوى الكفيل عليه ، وتثبت الكفالة ، ثم ان جاء الكفيل بالمكفول فادعى البراءة أيضا لم تكف اليمين الأولى التي حلفها المكفول له للكفيل ، بل عليه له يمين أخرى ، لأنها دعوى ثانية لا تعلق له بالدعوى الأولى ، فإن الدعوى الاولى في ثبوت الكفالة وعدمها ، وان لزمها برأيه المكفول لو ثبتت ، والدعوى الثانية في ثبوت الحق وعدمه.
وان رد المكفول له اليمين على الكفيل فحلف برأ من الكفالة ، ولا يبرء المكفول من المال ، وان كان اللازم من يمينه ذلك ، الا أن الدعويين مختلفان ، ولأن الإنسان لا يبرء بيمين غيره.
نعم في صورة الدعوى بين المكفول والمكفول له لو حلف المكفل اليمين المردودة عليه بأنه بريء الذمة من دعوى المكفول له برأ المكفول والكفيل ، لانه متى ثبت بها براءة الذمة بطلت الكفالة ، وان كان قد حلف المكفول له للكفيل أولا على عدم الإبراء ، لسقوط الحق بيمين المكفول وتصير في حكم ما لو أدى الحق فتبرئ ذمته ، وتبطل الكفالة كما ذكرناه.
الثاني عشر ـ قالوا : إذا مات المكفول برأ الكفيل ، وكذا لو جاء المكفول وسلم نفسه الى المكفول له.
أقول : أما الحكم الأول فوجهه واضح ، لان متعلق الكفالة النفس وقد فاتت بالموت ، والإحضار المذكور في الكفالة انما ينصرف الى حال الحياة ، لأنه الفرد الشائع الذي يترتب عليه الأحكام فيحمل عليه الإطلاق.
قال : بعض محققي متأخري المتأخرين ، وكأنه مجمع عليه بين الأصحاب والغرض من ذكره انما هو الرد على بعض العامة ، حيث أوجبوا المال على الكفيل ، الا أنه قال في المسالك : هذا كله إذا لم يكن الغرض الشهادة على صورته ، والا وجب إحضاره ميتا مطلقا ، حيث يمكن الشهادة عليه بأن لا تكون قد تغيرت بحيث لا تعرف ، ولا فرق في ذلك بين كونه قد دفن وعدمه ، لان ذلك مستثنى من تحريم نبشه. انتهى.
أقول : ما ذكره من الفرع المذكور قد نقله العلامة في التذكرة عن بعض الشافعية ، ورده ، ولا بأس بنقل ملخص كلامه في هذه المسئلة في الكتاب قال (قدسسره)