الشركة بذلك ، فالأقرب الاكتفاء به في تسلطهما على التصرف به من الجانبين ، لفهم المقصود عرفا وهو أظهر وجهي الشافعية ، وبه قال أبو حنيفة ، والثاني ـ أنه لا يكفى لقصور اللفظ عن الاذن ، واحتمال قصد الاخبار عن حصول الشركة في المال ، من غير الاختيار بأن يمتزج المالان بغير رضاهما.
الى أن قال الثالث : المال ، يشترط في المال المعقود عليه الشركة أن يكون متساوي الجنس ، بحيث لو مزج ارتفع الامتياز بينهما ، وحصل الاشتباه بينهما سواء كان المال من الأثمان أو العروض ، كما لو مزج ذهب بذهب مثله ، أو حنطة بمثلها ، أو دخن بمثله ، الى غير ذلك مما يرتفع فيه المائز بينهما ، ولا خلاف في أنه يجوز جعل رأس المال الدراهم والدنانير ، لأنهما أثمان الأموال والمباعات ، ولم يزل الناس يشتركون فيها في زمن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الى وقتنا هذا من غير نكير أحد في صقع من الأصقاع أو عصر من الأعصار فكان إجماعا.
وأما العروض عندنا يجوز الشركة فيها مع الشرط المذكور ، سواء كانت من ذوات الأمثال ، أو من ذوات القيم ، الى أن قال : مسئلة : لا تصح الشركة إلا بمزج المالين ، وعدم الامتياز بينهما عند علمائنا فالخلطة شرط في صحة الشركة ، ومتى لم يختلطا لم يصح ، وبه قال الشافعي ، ثم نقل عن أبي حنيفة أنه ليس من شرط الشركة خلط المالين ، بل متى أخرجا المالين وان لم يمزجاه وقالا قد اشتركنا انعقدت الشركة ، لأن الشركة انما هي عقد على التصرف ، فلا يكون من شرطها الخلط كالوكالة. انتهى المقصود من نقل كلامه.
أقول ، أما ما ذكره في المتعاقدين من الشروط فجيد ، الا أن قوله «لان كل واحد من الشريكين متصرف» الى آخره ، فيه أن ذلك غير معتبر في الشركة ، بل يكفى جواز التصرف من أحدهما بعد إذن الأخر ، وكذا قوله «في السقية بجواز التصرف مع اذن الحاكم كالمفلس» فان فيه إشكالا ، فإنه ليس له أهلية التصرف والمعرفة بالمعاملات وكيفية حفظ مال نفسه ، فكيف يسلطه الحاكم على تصرفه في مال نفسه وغيره.