على أنه قد صرح هو وغيره بل الظاهر انه لا خلاف فيه ، الا من بعض متأخري المتأخرين كما تقدم ذكره بأنه يجوز بيع الأرض الخراجية تبعا للآثار ، ومتى جاز البيع جازت المزارعة بطريق أولى ، وبذلك يظهر أن إطلاقه المنع من المزارعة في الأرض الخراجية بناء على أنها ملك للمسلمين قاطبة ، وان هذا الزارع لا يملكها ، ومن شرط المزارعة الملك لأحدهما كما ذكره غير جيد.
فان قيل : ـ انه بعد حصول الآثار فيها كما يجوز بيعها يجوز المزارعة أيضا ، والمدعى أنما هو قبل حصول الآثار فيها ـ قلنا : هذه الآثار التي يترتب عليها جواز البيع انما حصلت بعد الفتح ، وثبوت كونها خراجية ، فالمجوز لهذه الآثار مجوز للمزارعة عليها ، وهو ظاهر.
الرابعة ـ قد عرفت أن عقد المزارعة عندهم من العقود اللازمة التي لا تبطل الا بالتقايل ، أما كونه من العقود اللازمة فلأنه مقتضى الأصل ، إذ الأصل لزوم العقد الا ما خرج بدليل ، وللخبر المشهور «المؤمنون عند شروطهم» (١). وآية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٢) ونحو ذلك من الأدلة العامة.
وأما كونه لا يبطل الا بالتقايل ، فالمراد به بالنظر الى اختيار المتعاقدين يعنى ليس كالعقود الجائزة التي لكل من المتعاقدين فسخها ، والا فإنه يبطل أيضا بغير التقائل كانقطاع الماء عن الأرض ، وفساد منفعة الأرض ، فالحصر في التقائل ليس حصرا حقيقيا ، وانما هو بالإضافة إلى المتعاقدين.
والظاهر أن المستند في بطلانه بالتقايل هو الإجماع ، ولا يبطل بالبيع ولا بموت أحد المتعاقدين : لعدم المنافاة بين البيع أو الموت وبين بقاء المزارعة كما سيأتي مثله في الإجارة على الأظهر ، وان كان فيه ثمة قول بالبطلان بالموت.
__________________
(١) الوسائل ج ١٥ ص ٣٠ ح ٤.
(٢) سورة المائدة ـ الاية ١.