وأما الجمع بتقييد إطلاق الاخبار الثلاثة ـ بما دلت عليه هذه الاخبار من عمل شيء قبل الإجارة كما ذهب اليه الشيخ وجمع من الأصحاب فمعنى نفى البأس عن إجارة الأرض بأكثر مما استأجرها التقييد بما إذا عمل فيها شيئا.
ففيه ما أشرنا إليه آنفا من أن التحريم في البيت والأجير والحانوت انما هو مع عدم احداث عمل ، وأما مع احداث العمل فالفضل ليس بحرام ، بل هو جائز ، واى فرق على هذا بين الأرض وهذه الثلاثة ، حتى أنه يقول : في تلك الاخبار ان الأرض ليست كالأجير والبيت ، والعجب من أصحابنا حيث لم يتنبه منهم أحد لذلك ، والإجماع قائم منهم على أنه مع احداث عمل فإنه يجوز.
وبالجملة فإنه متى قيد التحريم في الثلاثة المذكورة بعدم إحداث شيء كما أوضحناه سابقا ، وقيد الجواز في الأرض بما إذا أحدث فيها شيئا كما ذكروه رجع الجميع إلى أمر واحد ، ولم يبق فرق مع أن ظاهر الاخبار المذكورة أنها ليست سواء ، وهذا انما يتجه على تقدير جواز إجارة الأرض مع الفضل وان لم يحدث فيها شيئا ، وهو بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه ، وان لم يتنبه أحد من الأصحاب اليه.
وأما باقي محامل الشيخ التي تكلفها في كتاب الاستبصار كما قدمنا نقله عنه فإنها لا تخلو من اشكال ، وان لم أقف على من تنبه له من علمائنا الأبدال.
أما الأول وهو أن يستأجرها بدراهم ودنانير ويجوز له مؤاجرتها بالنصف والثلث والربع وان علم أن ذلك أكثر ، فهو وان دل عليه الخبر الذي ذكره الا أنه لا يخلو من الاشكال ، لدلالته على جواز الإجارة بالحصة من نصف أو ثلث ونحوهما ، وهو مما لا قائل به ، وقد تقدم في الفائدة الخامسة من الفوائد المتقدمة التنبيه على ذلك ، على أن الخبر المذكور قد دل مع ذلك على التقييد بما إذا حفر لهم نهرا أو عمل لهم شيئا يعينهم ، وبذلك ترجع الرواية إلى غيرها من الروايات الدالة على التقييد بعمل شيء ، وترجع الى ما ذكرناه من التأويل المتقدم ،