تذنيب :
أجمع أصحابنا على بطلان المغارسة ، وبه قال أكثر العامة أيضا وهي عبارة عن أن يدفع أحد أرضا إلى غيره ليغرسها على أن يكون الغرس بينهما معا ، ومستند الأصحاب في البطلان هو عدم ورود نص بجوازها ، لان المعاوضات موقوفة على اذن الشارع ، وحيث لم يرد فيها كغيرها من العقود المشهورة اذن ، لا جرم وجب الحكم ببطلانها.
وتنظر فيه المحقق الأردبيلي (رحمهالله عليه) وتبعه الفاضل الخراساني في الكفاية ، بأنه يمكن استفادة ذلك من بعض العمومات ، فإنه لو لا الإجماع المدعى لأمكن القول بصحة ذلك ، قالوا : ولا فرق بين أن يكون المغروس من مالك الأرض ، أو من العامل ، ولا بين أن يشترط العامل جزء من الأرض مع حصة من الغرس ، وعدمه ، وحيث ثبت بطلان المعاملة المذكورة ، فالغرس لصاحبه ، الا أنه ان كان صاحبه هو صاحب الأرض ، فعليه للعامل أجرة مثل عمله ، لانه لم يعمل مجانا بل بحصة لم تسلم له ، وان كان صاحبه هو العامل ، فعليه لصاحب الأرض أجرة المثل ، عوضا عن مدة شغله لها ، ولصاحب الأرض قلعه ، لبطلان المعاملة ، وأنه غير مستحق للبقاء فيها ، لكن بالأرش حيث أنه صدر عن اذنه ، فليس بعرق ظالم ، وظاهر كلامهم أنه لا فرق في ذلك بين العالم بالبطلان ، والجاهل به.
وأنت خبير بأنه لا يبعد الفرق بين الحالين وتخصيص الحكم المذكور بحال الجهل ، وأما مع العلم فإنه لا أجرة للعامل فيما إذا كان الغرس لصاحب الأرض ، ولا لصاحب الأرض فيما إذا كان الغرس للعامل ، ولا أرش لصاحب الغرس مع علمه ، لأن الأول مع علمه ببطلان العقد وأنه لا يستحق الحصة في مقابلة عمله يكون متبرعا بالعمل حينئذ ، ومقتضى تعليل وجوب الأجرة بأنه انما عمل لأجل الحصة ولم