وما رواه المشايخ المذكورون أيضا في الموثق عن محمد الحلبي (١) «قال كنت قاعدا عند قاض من القضاة ، وعنده أبو جعفر عليهالسلام جالس ، فأتاه رجلان فقال أحدهما : اني تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعا الى بعض المعادن فاشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا ، لأنها سوق أتخوف أن يفوتني ، فإن احتسبت عن ذلك حططت من الكرى عن كل يوم احتبسه كذا وكذا ، وانه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما فقال القاضي : هذا شرط فاسد وفه كراه ، فلما قام الرجل أقبل الي أبو جعفر عليهالسلام فقال : شرطه هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه».
وأنت خبير بأن الرواية الأولى من هاتين الروايتين وان استدل بها الأصحاب للشيخ كما ذكرناه ، الا أن الظاهر أنه لا دلالة فيها عند التأمل ، إذ غاية ما تدل عليه أنه إذا شرط عليه أن يوافي به الى موضع معين في يوم معين صح ذلك ، فلو لم يفعل وجب الصلح بإسقاط بعض الأجرة بنسبة ما تركه من الموضع ولم يبلغه فيه ، ولا دلالة فيها على أجرة المثل أيضا نعم الرواية الثانية ظاهرة الدلالة على المطلوب.
وأما ما يظهر من المسالك ـ وقبله الشيخ المحقق الشيخ علي من الحكم ببطلان الإجارة هنا ، قال في المسالك بعد ذكر المصنف الحكم المذكور كما قدمنا ذكره عن الأصحاب : هذا قول الأكثر ، ومستنده روايتان صحيحة وموثقة عن محمد بن مسلم والحلبي عن الباقر عليهالسلام ويشكل بعدم تعيين الأجرة لاختلافهما على التقديرين كما لو باعه بثمنين على تقديرين ، ومن ثم ذهب جماعة إلى البطلان ويمكن حمل الأخبار على الجعالة إلى آخر كلامه ـ ففيه أن عموم أدلة وجوب الوفاء بالعقود ووجوب الوفاء بالشروط كتابا وسنة مما تقضي بالصحة في هذا العقد ، وما ادعاه من البطلان بهذه الجهالة لا دليل عليه ، بل الدليل واضح في خلافه كالخبر المذكور ، ومثله صحيحة أبي حمزة (٢) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يكتري
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٩٠ ح ٥ ، التهذيب ج ٧ ص ٢١٤ ح ٢٢ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٢ ح ٣٢٧٣ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٥٣ ح ٢.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٢٨٩ ح ٢ ، التهذيب ج ٧ ص ٢١٤ ح ٢٠ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٤٩ ح ١.