تفسير سورة الطور. وقال تعالى : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) [الزخرف : ٧٠] ، فجعل أزواج الصالحين المؤمنات وأزواج الصالحات المؤمنين يتمتعون في الجنة مع أن التفاوت بين الأزواج في الأعمال ضروري وقد بيناه في تفسير سورة الزخرف.
وفي حديث مسلم «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له» وهو عام في كل ما يعمله الإنسان ، ومعيار عمومه الاستثناء فالاستثناء دليل على أن المستثنيات الثلاثة هي من عمل الإنسان. وقال عياض في «الإكمال» هذه الأشياء لما كان هو سببها فهي من اكتسابه. قلت : وذلك في الصدقة الجارية وفي العلم الذي بثه ظاهر ، وأما في دعاء الولد الصالح لأحد أبويه فقال النووي لأن الولد من كسبه. قال الأبي : الحديث «ولد الرجل من كسبه» (١) فاستثناء هذه الثلاثة متصل.
وثبتت أخبار صحاح عن النبي صلىاللهعليهوسلم تدل على أن عمل أحد عن آخر يجزي عن المنوب عنه ، ففي «الموطأ» حديث الفضل بن عباس «أن امرأة من خثعم سألت رسول الله فقالت : إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفيجزئ أن أحج عنه؟ قال : نعم حجّي عنه». وفي قولها : لا يثبت على الراحلة دلالة على أن حجها عنه كان نافلة.
وفي «كتاب أبي داود» حديث بريدة «أن امرأة أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفيجزئ أو يقضي عنها أن أصوم عنها؟ قال : نعم. قالت : وإنها لم تحج أفيجزئ أو يقضي أن أحج عنها؟ قال : نعم».
وفيه أيضا حديث ابن عباس «أن رجلا قال : يا رسول الله إن أمي توفيت أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال : نعم».
وفيه حديث عمرو بن العاص وقد أعتق أخوه هشام عن أبيهم العاص بن وائل عبيدا فسأل عمرو رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أن يفعل مثل فعل أخيه فقال له «لو كان أبوك مسلما فأعتقتم عنه أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك».
وروي أن عائشة أعتقت عن أخيها عبد الرحمن بعد موته رقابا واعتكفت عنه.
__________________
(١) رواه أبو داود.