«جامع الترمذي» عن أنس بن مالك قال : «سأل أهل مكة النبي صلىاللهعليهوسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر». زاد الترمذي عنه «فانشق القمر بمكة فرقتين ، فنزلت : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) إلى قوله : (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) [القمر : ٢].
وفي رواية الترمذي عن ابن مسعود قال : «بينما نحن مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمنى فانشق القمر.
وظاهره أن ذلك في موسم الحج. وفي «سيرة الحلبي» كان ذلك ليلة أربع عشرة (أي في آخر ليالي منى ليلة النفر). وفيها «اجتمع المشركون بمنى وفيهم الوليد بن المغيرة ، وأبو جهل ، والعاصي بن وائل ، والعاصي بن هشام ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن عبد المطلب ، وزمعة بن الأسود ، والنضر بن الحارث فسألوا النبي صلىاللهعليهوسلم إن كنت صادقا فشقّ لنا القمر فرقتين فانشق القمر».
والعمدة في هذا التأويل على حديث عبد الله بن مسعود في «الصحيح» قال : «انشق القمر ونحن مع النبي صلىاللهعليهوسلم بمنى فانشق فرقتين فرقة فوق الجبل وفرقة دونه فقال لنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اشهدوا اشهدوا». زاد في رواية الترمذي عنه «يعني (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ). قلت : وعن ابن عباس نصف على أبي قبيس ونصف على قعيقعان.
وروي مثله عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وحذيفة بن اليمان وأنس بن مالك وجبير بن مطعم ، وهؤلاء لم يشهدوا انشقاق القمر لأن من عدا عليا وابن عباس وابن عمر لم يكونوا بمكة ولم يسلموا إلا بعد الهجرة ولكنهم ما تكلموا إلا عن يقين.
وكثرة رواة هذا الخبر تدل على أنه كان خبرا مستفيضا. وقال في «شرح المواقف» : هو متواتر. وفي عبارته تسامح لعدم توفر شرط التواتر. ومراده : أنه مستفيض.
وظاهر بعض الروايات لحديث ابن مسعود عند الترمذي أن الآية نزلت قبل حصول انشقاق القمر الواقع بمكة لمّا سأل المشركون رسول الله صلىاللهعليهوسلم آية أو سألوه انشقاق القمر فأراهم انشقاق القمر وإنما هو انشقاق يحصل عند حلول الساعة. وروي هذا عن الحسن وعطاء وهو المعبر عنه بالخسوف في سورة القيامة [٧ ، ٨] (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ* وَخَسَفَ الْقَمَرُ) الآية.
وهذا لا ينافي وقوع انشقاق القمر الذي سأله المشركون ولكنه غير المراد في هذه الآية لكنه مؤوّل بما في روايته عند غير الترمذي.