قوله (قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) [الحجر : ٥٧].
وكان في الابتداء بذكر قوم لوط في هذه الآية على خلاف الترتيب الذي جرى عليه اصطلاح القرآن في ترتيب قصص الأمم المكذبة بابتدائها بقوم نوح ثم عاد ثم ثمود ثم قوم لوط أن المناسبة للانتقال من وعيد المشركين إلى العبرة بالأمم الماضية أن المشركين وصفوا آنفا بأنهم في غمرة ساهون فكانوا في تلك الغمرة أشبه بقوم لوط إذ قال الله فيهم (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الحجر : ٧٢] ، ولأن العذاب الذي عذب به قوم لوط كان حجارة أنزلت عليهم من السماء مشبهة بالمطر. وقد سميت مطرا في قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) [الفرقان : ٤٠] وقوله : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) [هود : ٨٢] ولأن في قصة حضور الملائكة عند إبراهيم وزوجه عبرة بإمكان البعث فقد تضمنت بشارتها بمولود يولد لها بعد اليأس من الولادة وذلك مثل البعث بالحياة بعد الممات.
ولمّا وجه الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم بقوله : (هَلْ أَتاكَ) عرف أن المقصود الأصلي تسليته على ما لقيه من تكذيب قومه. ويتبع ذلك تعريض بالسامعين حين يقرأ عليهم القرآن أو يبلغهم بأنهم صائرون إلى مثل ذلك العذاب لاتحاد الأسباب.
وتقدم القول في نظير (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ) عند قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) في سورة ص [٢١] ، وأنه يفتتح به الأخبار الفخمة المهمة.
والضيف : اسم يقال للواحد وللجمع لأن أصله مصدر ضاف ، إذا مال فأطلق على الذي يميل إلى بيت أحد لينزل عنده. ثم صار اسما فإذا لوحظ أصله أطلق على الواحد وغيره ولم يؤنثوه ولا يجمعونه وإذا لوحظ الاسم جمعوه للجماعة وأنثوه للأنثى فقالوا أضياف وضيوف وامرأة ضيفة وهو هنا اسم جمع ولذلك وصف ب (الْمُكْرَمِينَ) ، وتقدم في سورة الحجر [٦٨] (قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي).
والمعنيّ به الملائكة الذي أظهرهم الله لإبراهيم عليهالسلام فأخبروه بأنهم مرسلون من الله لتنفيذ العذاب لقوم لوط وسماهم الله ضيفا نظرا لصورة مجيئهم في هيئة الضيف كما سمى الملكين الذين جاءا داود خصما في قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) [ص : ٢١] ، وذلك من الاستعارة الصورية.
وفي سفر التكوين من التوراة : أنهم كانوا ثلاثة. وعن ابن عباس : أنهم جبريل