وميكائيل وإسرافيل. وعن عطاء : جبريل وميكائيل ومعهما ملك آخر.
ولعل سبب إرسال ثلاثة ليقع تشكّلهم في شكل الرجال لما تعارفه الناس في أسفارهم أن لا يقلّ ركب المسافرين عن ثلاثة رفاق. وذلك أصل جريان المخاطبة بصيغة المثنى في نحو : «قفا نبك». وفي الحديث «الواحد شيطان والاثنان شيطانان والثلاثة ركب». رواه الحاكم في «المستدرك» وذكر أن سنده صحيح. وقد يكون سبب إرسالهم ثلاثة أن عذاب قوم لو كان بأصناف مختلفة لكل صنف منها ملكه الموكّل به.
ووصفهم بالمكرمين كلام موجه لأنه يوهم أن ذلك لإكرام إبراهيم إياهم كما جرت عادته مع الضيف وهو الذي سنّ القرى ، والمقصود : أن الله أكرمهم برفع الدرجة لأن الملائكة مقربون عند الله تعالى كما قال : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) [الأنبياء : ٢٦] وقال : (كِراماً كاتِبِينَ) [الانفطار : ١١].
وظرف (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) يتعلق ب (حَدِيثُ) لما فيه من معنى الفعل ، أي خبرهم حين دخلوا عليه.
وقوله : (فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ) تقدم نظيره في سورة هود. وقرأ الجمهور : (قالَ سَلامٌ). وقرأه حمزة والكسائي قال سلم بكسر السين وسكون اللام.
وقوله : (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) من كلام إبراهيم. والظاهر أنه قاله خفتا إذ ليس من الإكرام أن يجاهر الزائر بذلك ، فالتقدير : هم قوم منكرون.
والمنكر : الذي ينكره غيره ، أي لا يعرفه. وأطلق هنا على من ينكّر حاله ويظن أنه حال غير معتاد ، أي يخشى أنه مضمر سوء ، كما قال في سورة هود [٧٠] (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) ومنه قول الأعشى :
وأنكرتني وما كان الذي نكرت |
|
من الحوادث إلا الشيب والصّلعا |
أي كرهت ذاتي.
وقصة ضيف إبراهيم تقدمت في سورة هود.
و (فَراغَ) مال في المشي إلى جانب ، ومنه : روغان الثعلب. والمعنى : أن إبراهيم حاد عن المكان الذي نزل فيه الضيوف إلى أهله ، أي إلى بيته الذي فيه أهله.
وفي التوراة : أنه كان جالسا أمام باب خيمته تحت شجرة وأنه أنزل الضيوف تحت