والقصر فاصل بينهما.
والمقام : أصله محل القيام ومصدر ميمي للقيام وعلى الوجهين يستعمل مجازا في الحالة والتلبس كقولك لمن تستجيره : هذا مقام العائذ بك ، ويطلق على الشأن والعظمة ، فإضافة (مَقامَ) إلى (رَبِّهِ) هنا إن كانت على اعتبار المقام للخائف فهو بمعنى الحال ، وإضافته إلى (رَبِّهِ) تشبه إضافة المصدر إلى المفعول ، أي مقامه من ربه ، أي بين يديه.
وإن كانت على اعتبار المقام لله تعالى فهو بمعنى الشأن والعظمة. وإضافته كالإضافة إلى الفاعل ، ويحتمل الوجهين قوله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي) في سورة إبراهيم [١٤] وقوله : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) في سورة النازعات [٤٠].
وجملة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) معترضة بين الموصوف والصفة وهي تكرير لنظائرها.
وذواتا : تثنية ذات ، والواو أصلية لأن أصل ذات : ذوة ، والألف التي بعد الواو إشباع للفتحة لازم للكلمة. وقيل : الألف أصلية وأن أصل (ذات) : ذوات فخففت في الإفراد وردّتها التثنية إلى أصلها وقد تقدم في قوله تعالى : (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) في سورة سبأ [١٦]. وأما الألف التي بعد التاء المثناة الفوقية فهي علامة رفع نائبة عن الضمة.
والأفنان : جمع فنن بفتحتين ، وهو الغصن. والمقصود هنا : أفنان عظيمة كثيرة الإيراق والإثمار بقرينة أنّ الأفنان لا تخلو عنها الجنات فلا يحتاج إلى ذكر الأفنان لو لا قصد ما في التنكير من التعظيم.
وتثنية (عَيْنانِ) جار على نحو ما تقدم في تثنية (جَنَّتانِ) ، وكذلك تثنية ضميري (فِيهِما) وضمير (تَجْرِيانِ) تبع لتثنية معادهما في اللفظ.
فإن كان الجنتان اثنتين لكل من خاف مقام ربه فلكل جنة منهما عين فهما عينان لكل من خاف مقام ربه ، وإن كان الجنتان جنسين فالتثنية مستعملة في إرادة الجمع ، أي عيون على عدد الجنات ، وكذلك إذا كان المراد من تثنية (جَنَّتانِ) الكثرة كما تثنيه (عَيْنانِ) للكثرة.
وفصل بين الأفنان وبين ذكر الفاكهة بذكر العينين مع أن الفاكهة بالأفنان أنسب ، لأنه لما جرى ذكر الأفنان ، وهي من جمال منظر الجنة أعقب بما هو من محاسن الجنات وهو