[الأعراف : ٥٢] ، أي جاءهم جبريل بكتاب ، قال تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) [الأعراف : ٣٧].
وجملة (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) معترضة بين جملة (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) وجملة (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) وكلمة (فَلَوْ لا) الثانية تأكيد لفظي لنظيرها السابق أعيد لتبنى عليه جملة (تَرْجِعُونَها) لطول الفصل.
وجملة (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) معترضة أو حال من الواو في (تَرْجِعُونَها).
وجواب شرط (إِنْ) محذوف دل عليه فعل (تَرْجِعُونَها). قال ابن عطية : وقوله : (تَرْجِعُونَها) سدّ مسدّ الأجوبة والبيانات التي تقتضيها التحضيضات ، و (إِذا) من قوله : (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ) و (إن) المتكررة وحمل بعض القول بعضا إيجاز أو اقتضابات» اه.
وجملة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) بيان لجملة (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) وعلى التفسير الأول لمعنى (مَدِينِينَ) يكون وجه إعادة هذا الشرط مع أنه مما استفيد بقوله : (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) هو الإيماء إلى فرض الشرط في قوله : (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) بالنسبة لما في نفس الأمر وأن الشرط في قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) هو فرض وتقدير لا وقوع له نفي البعث ، وعلى الوجه الثاني يرجع قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إلى ما أفاده التحضيض ، وموقع فاء التفريع من إرادة أن قبض الأرواح لتأخيرها إلى يوم الجزاء ، أي إن كنتم صادقين في نفي البعث والجزاء.
وضمير التأنيث في قوله : (تَرْجِعُونَها) عائد إلى الروح الدال عليه التاء في قوله : (إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ).
ومعنى الاستدراك في (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) راجع إلى قوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) لرفع توهم قائل : كيف يكون أقرب إلى المحتضر من العوّاد الحافين حوله وهم يرون شيئا غيرهم يدفع ذلك بأنهم محجوبون عن رؤية أمر الله تعالى.
وجملة (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) معترضة ، والواو اعتراضية. ومفعول (تُبْصِرُونَ) محذوف دلّ عليه قوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ).
ومعنى (مَدِينِينَ) مجازين على أعمالكم. وعلى هذا المعنى حمله جمهور المتقدمين من المفسرين ابن عباس ومجاهد وجابر بن زيد والحسن وقتادة ، وعليه جمهور المفسرين من المتأخرين على الإجمال ، وفسره الفراء والزمخشري (مَدِينِينَ) بمعنى : عبيد لله ، من