والتقفية : اتباع الرسول برسول آخر ، مشتقة من القفا لأنه يأتي بعده فكأنه يمشي عن جهة قفاه ، وقد تقدم في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ) في سورة البقرة [٨٧].
والآثار : جمع الأثر ، وهو ما يتركه السائر من مواقع رجليه في الأرض ، قال تعالى : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) [الكهف : ٦٤].
وضمير الجمع في قوله : (عَلى آثارِهِمْ) عائد إلى نوح وإبراهيم وذريتهما الذين كانت فيهم النبوءة والكتاب ، فأما الذين كانت فيهم النبوءة فكثيرون ، وأما الذين كان فيهم الكتاب فمثل بني إسرائيل.
و (على) للاستعلاء. وأصل (قفى على أثره) يدل على قرب ما بين الماشيين ، أي حضر الماشي الثاني قبل أن يزول أثر الماشي الأول ، وشاع ذلك حتى صار قولهم : على أثره ، بمعنى بعده بقليل أو متصلا شأنه بشأن سابقه ، وهذا تعريف للأمة بأن الله أرسل رسلا كثيرين على وجه الإجمال وهو تمهيد للمقصود من ذكر الرسول الأخير الذي جاء قبل الإسلام وهو عيسى عليهالسلام.
وفي إعادة فعل (قَفَّيْنا) وعدم إعادة (عَلى آثارِهِمْ) إشارة إلى بعد المدة بين آخر رسل إسرائيل وبين عيسى فإن آخر رسل إسرائيل كان يونس بن متّى أرسل إلى أهل نينوى أول القرن الثامن قبل المسيح فلذلك لم يكن عيسى مرسلا على آثار من قبله من الرسل.
والإنجيل : هو الوحي الذي أنزله الله على عيسى وكتبه الحواريون في أثناء ذكر سيرته.
والإنجيل : بكسر الهمزة وفتحها معرّب تقدم بيانه أول سورة آل عمران. ومعنى جعل الرأفة والرحمة في قلوب الذين اتّبعوه أن تعاليم الإنجيل الذي آتاه الله عيسى أمرتهم بالتخلق بالرأفة والرحمة فعملوا بها ، أو إن ارتياضهم بسيرة عيسى عليهالسلام أرسخ ذلك في قلوبهم وذلك بجعل الله تعالى لأنه أمرهم به ويسّره عليهم.
ذلك أن عيسى بعث لتهذيب نفوس اليهود واقتلاع القسوة من قلوبهم التي تخلقوا بها في أجيال طويلة قال تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) في سورة البقرة [٧٤].
والرأفة : الرحمة المتعلقة بدفع الأذى والضرّ فهي رحمة خاصة ، وتقدمت في قوله