تعالى : (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) في سورة البقرة [١٤٣] وفي قوله : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) في سورة النور [٢].
والرحمة : العطف والملاينة ، وتقدمت في أول سورة الفاتحة.
فعطف الرحمة على الرأفة من عطف العام على الخاص لاستيعاب أنواعه بعد أن اهتم ببعضها.
والرهبانية : اسم للحالة التي يكون الراهب متصفا بها في غالب شئون دينه ، والياء فيها ياء النسبة إلى الراهب على غير قياس لأن قياس النسب إلى الراهب الراهبية ، والنون فيها مزيدة للمبالغة في النسبة كما زيدت في قولهم : شعراني ، لكثير الشعر ، ولحياني لعظيم اللحية ، وروحاني ، ونصراني.
وجعل في «الكشاف» النون جائية من وصف رهبان مثل نون خشيان من خشي والمبالغة هي هي ، إلا أنها مبالغة في الوصف لا في شدة النسبة.
والهاء هاء تأنيث بتأويل الاسم بالحالة وجعل في «الكشاف» الهاء للمرة.
وأما اسم الراهب الذي نسبت إليه الرهبانية فهو وصف عومل معاملة الاسم ، وهو العابد من النصارى المنقطع للعبادة ، وهو وصف مشتق من الرهب : أي الخوف لأنه شديد الخوف من غضب الله تعالى أو من مخالفة دين النصرانية. ويلزم هذه الحالة في عرف النصارى العزلة عن الناس تجنبا لما يشغل عن العبادة وذلك بسكنى الصوامع والأديرة وترك التزوج تجنبا للشواغل ، وربما أوجبت بعض طوائف الرهبان على الراهب ترك التزوج غلوا في الدين.
وجعل في «الكشاف» : الرهبانية مشتقة من الرهب ، أي الخوف من الجبابرة ، أي الذين لم يؤمنوا بعيسى عليهالسلام من اليهود ، وأن الجبابرة ظهروا على المؤمنين بعيسى فقاتلوهم ثلاث مرات فقتلوا حتى لم يبق منهم إلا القليل ، فخافوا أن يفتنوا في دينهم فاختاروا الرهبانية وهي ترهبهم في الجبال فارين من الفتنة في الدين اه.
وأول ما ظهر اضطهاد أتباع المسيح في بلاد اليهودية ، فلما تفرق أتباع المسيح وأتباعهم في البلدان ناواهم أهل الإشراك والوثنية من الروم حيث حلّوا من البلاد التابعة لهم فحدثت فيهم أحوال من التقية هي التي دعاها صاحب «الكشاف» بمقاتلة الجبابرة.