«إن هذه الأحاديث وخاصة الأخير منها صريحة في أن الآيات المتشابه هي الآيات التي لا تستقل في مدلولها بل لا بد من ردّها إلى الآيات المحكمة ، ومعنى هذا أنه ليس في القرآن آية لا يمكن معرفة معناها بطريق من الطرق» (١).
يرد عليه :
أنّ هناك آيات مهما حاولنا أن نضم إليها آيات أخر لا يمكننا أن نرفع الإبهام الموجود فيها ، فتبقى على إجمالها ، حتى فسّرها المعصوم عليهالسلام كالآيات التي تبخر بالإجمال عن العوالم المادية والروحية ، وكبعض آيات الأحكام ، منها قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (٢).
فبعض المتشابهات لها محكم يفسّرها ، وبعض يبقى على إجماله حتى يرد له تفسير من المعصوم عليهالسلام ، وإلا لو قلنا إن المتشابه دائما له محكم في القرآن لاستغنى الناس عن المعصوم عليهالسلام ، وللغى قوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٣) وقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤) (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٥) ، اللهم إلّا أن يقال : إن المتشابه المفسّر بالمحكم موجود في القرآن لكن العقول البشرية العادية لا تدركه ، عدا المعصوم فإن عنده الإحاطة به وتفسيره ، وبما وضّحنا يثبت ما ادّعاه سيدنا الطباطبائي «أعلى الله مقامه» من أن القرآن كله محكم ، فالمتشابهات بالقياس إلى أهل الذكر هي محكمات ، وبالقياس إلى غيرهم ممن لا يأخذ منهم تبقى على حالها حتى يرد عليها المحكم.
__________________
(١) القرآن في الإسلام ص ٤٥ ـ ٤٦ العلامة محمد حسين الطباطبائي (قدسسره).
(٢) سورة الإسراء : ٧٨.
(٣) سورة الحشر : ٧.
(٤) سورة النساء : ٥٩.
(٥) سورة النور : ٥٤.