قال : هذا إسناد صحيح كالشمس لا مغمز فيه.
ثم روى بطريق آخر عن منصور عن عاصم عن زر ، وقال : فهذا سفيان الثوري ومنصور شهدا على عاصم ، وما كذبا ، فهما الثقتان الإمامان البدران ، وما كذب عاصم على زر ، ولا كذب زر على أبي.
قال أبو محمّد : ولكنّها نسخ لفظها وبقي حكمها ، ولو لم ينسخ لفظها لا قرأها أبيّ بن كعب زرا بلا شك ، ولكنّه أخبره بأنها كانت تعدل سورة البقرة ولم يقل له : إنها تعدل الآن ، فصحّ نسخ لفظها.
ثم يروي آية الرجم عن زيد وابن الخطاب ويقول : إسناد جيد. ويروي عن عائشة ، قالت : لقد نزلت آية الرجم والرضاعة ، فكانتا في صحيفة تحت سريري ، فلما مات رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم تشاغلنا بموته فدخل داجن فأكلها. قال : وهذا حديث صحيح. وليس هو على ما ظنّوا ، لأنّ آية الرجم إذ نزلت حفظت وعرفت وعمل بها رسول الله صلّى الله عليه [وآله] إلّا أنّه لم يكتبها نساخ القرآن في المصاحف ، ولا أثبتوا لفظها في القرآن ، وقد سأله عمر بن الخطاب ذلك فلم يجبه. فصحّ نسخ لفظها ، وبقيت الصحيفة التي كتبت فيها كما قالت عائشة ، فأكلها الدّاجن ولا حاجة بأحد إليها (١).
والذي غرّ هؤلاء : إنها أحاديث رويت في الصحاح (٢) الستة وغيرها ، ولا بدّ لهم ـ وهم متعبدون بما جاء فيها ، بل هي بعد كتاب الله عندهم ـ أن يتقبّلوها على علّاتها مهما خالفت أساليب النقد والتحقيق.
قال النووي في تعليقته على قول عمر بن الخطّاب (فكان مما أنزل الله عليه آية الرجم قرأناها ..).
__________________
(١) المحلّى ج ١١ / ٢٣٤.
(٢) صحيح مسلم ج ١١ / ١٥٩ ح ١٤٥٢ ، وصحيح البخاري ج ٨ / ٣٤١ ح ٦٨٣٠ ، والمستدرك ج ٤ / ٣٥٩ ، مسند أحمد ج ١ / ٢٣ وج ٢ / ٤٣ ، وسنن الترمذي ج ٤ / ٣٩ وج ٣ / ٤٥٦.