لا نسلم قولهم ؛ لأن أجسام السماوات لا يتصور عليها الكون والفساد والحركة المستقيمة ؛ بخلاف العناصر.
لا نسلم أن أجسام السموات كما ذكروه ، وما يذكرونه على ذلك ؛ فسيأتى أيضا إبطاله (١).
وإن سلمنا ذلك جدلا ؛ ولكن لا نسلم دلالة ذلك على اختلاف طبائعها ، وصورها الجوهرية.
قولهم : لو تماثلت ، واتحدت نوعا ؛ لجاز على كل واحد ، ما جاز على الآخر.
قلنا : وما المانع من أن يكون ذلك مع اتحاد (١١) / / النوع بسبب اختلاف العوارض دون الصور الجوهرية.
فلن قالوا : يمتنع أن يكون ذلك بسبب اختلاف العوارض / مع اتحاد النوعية ؛ لأن ما اختص بكل واحد من المتماثلين من الأعراض :
إما أن يكون ذلك لازما لذاته ، أو للازم ذاته.
فإن كان الأول : لزم الاشتراك بينهما فى ذلك العارض ؛ ضرورة اتحاد المستلزم ، ويمتنع معه الافتراق.
وإن كان الثانى : فالكلام فى ذلك اللازم : كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
قلنا : هذا إنما يلزم أن لو لم يكن المخصص لكل واحد منهما ما يخصص به فاعلا مختارا. وإلا فبتقدير أن يكون فاعلا مختارا ؛ فقد اندفع ما ذكروه من لزوم الاشتراك ، والتسلسل ؛ فلم قالوا بامتناعه؟ كيف وقد بينا أنه لا مؤثر لشيء ما من الآثار غير الله ـ تعالى ـ وأنه فاعل مختار كما سبق (٢).
وإن سلمنا أن المخصص ليس فاعلا مختارا ، غير أن ما ذكروه فى الاختصاص بالعوارض ، مع اتحاد الطبيعة النوعية ، لازم عليهم فى اختصاص أحد الجسمين بالطبيعة ، والصورة الجوهرية دون غيره مع اتحادهما فى معنى الجسمية.
__________________
(١) انظر ما سيأتى ل ٣١ / أوما بعدها.
(١١)/ / أول ل ١٦ / أ.
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع السادس ـ الأصل الثانى : فى أنه لا خالق إلا الله ـ تعالى ـ ولا مؤثر فى حدوث الحوادث سواه ل ٢١١ / ب وما بعدها.