فإن لقائل أن يقول : إذا سلمتم أن مسمى الجسم المشترك واحد فى جميع الأجسام باختصاص بعضها بطبيعة جوهرية ، لا وجود لها فى الجسم الآخر ، مع اتحاد حقيقة الجسم المشترك : إما أن يكون لذاته ، أو للازم ذاته.
فإن كان الأول : وجب الاشتراك فى تلك الطبيعة ؛ ضرورة اتحاد المستلزم.
وإن كان الثانى : فالكلام فى ذلك اللازم ، كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع. فما هو الجواب فى الاختصاص بالطبيعة (١) ؛ هو الجواب فى الاختصاص بالعوارض (٢) ثم يلزمهم امتناع التعدد فى أشخاص كل نوع من أنواع الإنسان وغيره ، فإن طبيعة [النوع] (٣) فى جميع أشخاصه واحدة عندهم. والتمايز بين الأشخاص ، إنما هو بالعوارض.
وعند ذلك : فلقائل أن يقول : امتياز كل واحد من أشخاص النوع بما أختص به :
إما أن يكون لذاته ، وطبيعته ، أو للازم ذاته.
فإن كان الأول : لزم الاشتراك فى ذلك العارض ؛ ضرورة اتحاد المستلزم.
وإن كان الثانى : فقد لزمه التسلسل ، واتحد الجواب فى محل النزاع ، وصورة الإلزام.
وقولهم : إن العناصر أيضا مختلفة الأنواع ؛ ممنوع.
قولهم : / العناصر مختلفة الكيفيات (٤) ؛ مسلم ؛ ولكن لا بد من التنبيه على زللهم فيما ذكروه من الكيفيات ، وذلك أنهم قالوا : الحار اليابس هو النار ، وقد رسموا اليبس بأنه قوة بها يعسر قبول الجسم للانحصار والتشكل بشكل غيره. والرطوبة فى مقابلته. وإنما يستقيم مع ذلك جعل النار يابسة بهذا الاعتبار وجعل الماء رطبا مع علمنا بأن النار ألطف الأجسام وأقلها للانحصار والتشكل بشكل غيرها.
__________________
(١) الطبيعة : عبارة عن القوة السارية فى الأجسام ، بها يصل الجسم إلى كماله الطبيعى. [التعريفات للجرجانى ص ١٥٩].
(٢) العوارض جمع عرض. والعرض ما يعرض فى الجوهر ، مثل الألوان والطعوم ، والذوق واللمس وغيرها مما يستحيل بقاؤه بعد وجوده [التعريفات للجرجانى ص ١٧٠].
(٣) ساقط من أ.
(٤) عرف الآمدي الكيف فقال : «وأما الكيف : فعبارة عن هيئة قارة للجوهر لا يوجب تعقلها تعقل أمر خارج عنها وعن حاملها ، ولا يوجب قسمة ولا نسبة فى أجزائها وأجزاء حاملها.
وهى منقسمة إلى : ـ