وأما إنكار الاستحالة. فمبنى على الظهور ، والكمون ؛ وقد أبطلناه (١).
وأما القول بالاستحالة دون الكون ، والفساد. فإما أن يراد به استحالة الصور الجوهرية ، أو الكيفيات العرضية دون الصور الجوهرية.
فإن كان الأول : فيلزم أن تكون الصور الجوهرية قابلة للشدة والضعف ، فإن ما ليس كذلك لا يقع بغيره ، سيرا يسيرا. وإلا كان حاله بعد وقوع الاستحالة كهو قبلها ، وهو محال.
والجوهر عندهم غير قابل للشدة ، والضعف.
وإن كان الثانى : فباطل أيضا. فإنا على ما يأتى عن قرب نشاهد انقلاب كل واحد من العناصر إلى الآخر.
ولو لم يكن ذلك كونا ، وفسادا. وإلا لما وقعت التفرقة من العناصر مع بقاء صورها الجوهرية ، على ما هى عليه ، وذلك محال.
وأما القول بالكون ، والفساد ، لصورها الجوهرية والاستحالة لكيفياتها العرضية ، وإن كان أشبه الأقوال عندهم ؛ وعليه اعتماد المحصلين منهم ؛ وربما احتجوا على كل واحد من الطرفين.
أما الطرف الأول ، وهو القول بالكون ، والفساد ؛ فقالوا : يدل عليه ما نشاهده فى بعض البلاد الباردة من تكاثف الهواء ، وانعقاده بالبرد مطرا من غير تصاعد أبخره.
وكذلك انعقاد الماء فى الكوز النحاس ، أو الزجاج ، إذا دفن فى الجمد.
قالوا : فليس ذلك بسبب الرشح. وإلا كان رشح الماء الحار للطافية أولى.
ويدل عليه أيضا : انعقاد قطرات الماء على ظاهر الكوز المحشو / بالجمد وليس ذلك بسبب انجذاب قطرات مائية منبثة فى الهواء ؛ فإنها لا تتحرك كيف اتفق.
وأيضا : فإن الهواء يصير نارا بالحركة الشديدة النفخية ، والماء بخارا.
__________________
(١) راجع ما مر فى أول الفصل.