وإن سلمنا كون البحث والسبر حجة ؛ ولكن ما المانع من كون المصحح لقبول الجوهر العرض كونه متحيزا بنفسه. والعرض وإن قيل بقيامه بنفسه ؛ فليس متحيزا عند القائل به.
وإن سلمنا امتناع كون المصحح التحيز ، ولكن يلزم على سياق ما قيل أن يكون البارى ـ تعالى ـ قابلا للأعراض ؛ ضرورة قيامه بنفسه ؛ ولم يقل به أحد من أصحابنا (١)
والمعتمد (٢) فى ذلك أن يقال (٢) : لو قام العرض بنفسه ؛ لكان العلم قائما بنفسه ؛ لكونه عرضا.
وعند ذلك : فإما أن يكون مما يصح أن يعلم به ، أو لا يصح.
لا جائز أن يقال بالثانى : وإلا لخرج العلم عن حقيقته ؛ إذ أخص صفة نفس العلم أن يعلم به.
فلم يبق إلّا الأوّل.
وعند ذلك : فإما أن يكون العالم به جوهرا ، أو عرضا آخر ، أو نفسه.
لا جائز أن يقال بالأول : إذ العرض القائم بنفسه ، لا اختصاص له بجوهر دون جوهر.
وعند ذلك : فإما أن تكون كل الجواهر عالمة به ، أو بعضا دون البعض.
الأول ممتنع : وإلا لاشترك الناس كلهم فيما يعلمه الواحد بذلك العلم ؛ بل جميع الجواهر ؛ وهو محال ظاهر الإحالة.
والثانى أيضا ممتنع لعدم الأولوية ، وبما ذكرناه فى امتناع كون العالم به جوهرا يمتنع أن يكون العالم عرضا آخر ؛ وبه إبطال القسم الثانى.
وإن كان العالم به نفسه ، يلزم أن يكون العالم عالما لنفسه لا بعلم زائد عليه ؛ وذلك مما يجر إلى أن يكون الأسود أسود لذاته ، والأبيض أبيض لذاته ، من غير صفة زائدة
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الرابع ـ المسألة الثالثة : فى أنه ـ تعالى ـ ليس بعرض ل ١٤٥ / ب.
(٢) الموجود فى ب (المسلك الثانى : أنه).