كيف وأن شرط الأجناس عندهم أن تكون مقولة على ما تحتها بالتواطؤ قولا ذاتيا ، وأن يكون الاختلاف فيما تحت كل واحد من الأجناس بالذات ، لا بالعرض. ولو طولبوا بتحقيق كل واحد من هذه الأمور ؛ لم يجدوا إليه سبيلا ؛ فهذا ما عندى فيه.
وأما مسلك أهل الحق فى الحصر : فإنهم قالوا : الموجود الممكن ، إما أن يكون فى محل ، أو لا فى محل.
فإن كان لا فى محل : فهو الجوهر. وهو إما أن لا يكون مؤلفا ، أو يكون مؤلفا.
فإن كان الأول : فهو الجوهر الفرد.
وإن كان الثانى : فهو الجسم.
وإن كان فى محل : فهو العرض. وهو إما أن يكون مشروطا بالحياة ، أو لا يكون مشروطا بالحياة.
فالأول : كالعلوم ، والقدر ، والإرادات ، والإدراكات ، والكلام.
والثانى : كالأكوان ، والألوان ، والطعوم ، والأراييح ، ونحو ذلك مما يأتى تحقيقه.
وهل الأجناس العرضية الداخلة تحت المشروط بالحياة ، وغير المشروط بالحياة متناهية إمكانا بحيث لا يدخل تحت المقدور منها إلا ما هو متناه ؛ إذ هى غير متناهية إمكانا ، بأن يكون فى الإمكان وجود أعراض أخرى غير الأعراض المعهودة إلى غير النهاية ؛ فذلك مما اختلف فيه.
فذهب كثير من أصحابنا ، وأكثر المعتزلة إلى القول بوجوب النهاية.
وذهب القاضى أبو بكر فى أكثر أجوبته إلى القول بعدم النهاية فى الأجناس ، وإليه ذهب الجبائى ومتبعوه.
والّذي إليه ميل المحققين من أصحابنا ـ وهو الحق ـ أنه لا مجال للعقل فى القضاء بعدم إمكان النهاية ، ولا بعدم إمكانه لعدم مساعدة الدليل العقلى عليه نفيا ، وإثباتا ؛ بل الواجب إنما هو الوقف ، والتشكك فى الإمكان ، وعدمه إلى حين قيام الدليل عليه ، أو