وقال أبو / هاشم : الحركة والسكون ، لا يتولدان من غير الاعتماد.
وقال أبو إسحاق بن عياش من البصريين (١) : الاعتماد يولد الحركة والسكون ، والحركة أيضا ؛ تولد الحركة.
احتج الجبائى بأن قال : إذا رمى الرامى حجرا ؛ فإنه لا تتحرك فيه ما لم تتحرك يد الرامى فى جهة دفع الحجر.
وعند ذلك فلو جاز أن لا تكون حركة يده مولدة لحركة الحجر مع اطراد العادة بتعقب حركة الحجر لحركة اليد ؛ لجاز أن لا يكون النظر مولدا للعلم بالمنظور فيه مع تعقبه له.
واحتج أبو هاشم بحجتين.
الحجة الأولى : أنه قال : لو فرضنا خشبة ، يمكن نصبها قائمة على رأسها منفردة ؛ فنصبت مدعومة من ورائها بعماد ؛ بحيث لو اعتمد عليها معتمد في جهة العمود ؛ لما تحركت. ولو زال عنها العمود ؛ فإنها تتحرك فى الحالة الثانية ، من وجود الاعتماد وزوال العمود على التعاقب.
وإن لم يتحرك المعتمد في جهة زوالها ؛ فدل أن الحركة تولدت من الاعتماد لا غير.
الحجة الثانية : أن المعتمد على الحجر بيده ؛ لا تتحرك يده إلا بعد حركة الحجر فإنه ما لم يندفع الحجر عن حيزه ؛ فيمتنع انتقال يد المعتمد إلى حيز الحيز ؛ لاستحالة التداخل.
فإذن حركة يد المعتمد تكون متأخرة عن حركة الحجر ، والاعتماد يكون متقدما ؛ وما عنه التولد ، وهو السبب ؛ لا بد وأن يكون متقدما على المسبب ؛ فكان ما عنه تولد حركة الحجر ، نفس الاعتماد المتقدم ، لا نفس الحركة المتأخرة.
وما هو حجة المذهبين ، هو حجة ابن عياش ، في القول بتولد الحركة عن الاعتماد ومن الحركة.
__________________
(١) أبو إسحاق بن عياش : إبراهيم بن عياش البصرى ، من أساتذة القاضى عبد الجبار ، ورع ، زاهد ، كانت له مجالس علمية يحضرها أهل بغداد. من الطبقة العاشرة من المعتزلة.