وذلك كالاختلاف بين الجوهر ، والعرض ، والسواد ، والبياض. فإن الجوهر قد اختص عن العرض بكونه جوهرا ، وقابلا للأعراض ومتحيزا ، والعرض عن الجوهر بكونه عرضا ، وقائما بالمحل ، فإن اشتركا فى الوجود والحدوث ، وكل ذلك من الصفات النفسية.
وكذلك السواد مختص عن البياض بكونه سوادا ، [والبياض عن السواد بكونه بياضا ، وهما من الصفات النفسية ، وإن اشتركا فى غير ذلك من الصفات النفسية] (١) كالعرضية ، والقيام بالمحل والوجود ، والحدوث.
وهل يصح إطلاق التماثل على المختلفين باعتبار ما اشتركا فيه من بعض صفات النفس : كالوجود ، وغيره.
فالمنقول عن القاضى ، والقلانسى (٢) من أصحابنا : أنه لا مانع من ذلك فى الحوادث لفظا ومعنى ، إذا لم يرد به التماثل فى غير ما وقع به الاشتراك ؛ ولهذا قال القلانسى كل مشتركين فى الحدوث ؛ فهما متماثلان فى صفة الحدوث.
وعلى هذا : فمن قال بأن البارى ـ تعالى ـ مماثل لغيره فى الوجود ؛ فهو غير ممتنع معنى ، وإن كان ذلك ممتنعا سمعا ؛ لعدم ورود السمع به.
وأما من قال بنفى الأحوال.
قال : المختلفان كل موجودين اختص أحدهما عن الثانى بما يدل الوصف به على نفسه ، وذاته ، دون معنى زائد.
وعلى هذا : فلا يتصور على هذا الأصل اشتراك المختلفين فى بعض الصفات النفسية (٣) ، دون البعض (٣) أصلا.
إذ الصفة النفسية على هذا عائدة إلى نفس الذات ، لا إلى صفة زائدة عليها ، وذات كل واحد من المختلفين ، لا تحقق لها فى الآخر.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) القلانسى : أحمد بن عبد الله بن خالد. المتوفى سنة ٣٣٥ ه سبقت ترجمته فى الجزء الأول فى هامش ل ١٢٤ / أ.
انظر الشامل للجوينى ص ٢٩٣ حيث قال : «وحكى الأستاذ أبو بكر عن القلانسى ... الخ».
(٣) (دون البعض) ساقط من ب.