فلا يكون الاختلاف بين المختلفين معللا بصفة زائدة على ذاتيهما ؛ بخلاف ما إذا كان الاختلاف بالأحوال الزائدة على ذات المختلفين.
فإن قيل : فهل يجوز على هذين الأصلين إطلاق القول بأن الله ـ تعالى ـ مخالف لخلقه ، وأن ما له من الصفات مختلفة ، أم لا؟
قلنا : أما إطلاق كون الرب ـ تعالى ـ مخالفا لخلقه ، وخلاف خلقه ؛ فمتفق عليه عند أصحابنا ، وأكثر المتكلمين.
فلا مانع منه نظرا إلى (١١) / / المعنى ، ولا بالنظر إلى اللفظ ؛ إذ الإطلاق بذلك فى كل عصر شائع ، ذائع من غير نكير ؛ فكان ذلك مجمعا عليه.
ومن المعتزلة : من منع من إطلاق ذلك ، كالصيمرى (١) ، وأبى الهذيل (٢) محتجين على ذلك بأنه لو كان الرب ـ تعالى مخالفا لخلقه ؛ لكان ذلك من أسمائه ولكفر منكره ؛ وهو خلاف الإجماع ؛ وهو غير صواب.
إذ لقائل أن يقول : لا نسلم أن كل ما يعتقد أنه من صفاته ـ تعالى ـ يكون معدودا من أسمائه (٣).
وإن سلم ذلك ؛ فلا نسلم / أن كل ما كان معدودا من أسمائه يكفر منكره ؛ على ما سيأتى تحقيقه فيما بعد (٤).
وأما الصفات : فقد اختلف أصحابنا فيها.
فمنهم من قال : ليست متماثلة ، ولا مختلفة ؛ لأن التماثل والاختلاف ، بين الشيئين ، يستدعى المغايرة بينهما.
وصفات الرب ـ تعالى ـ غير متغايرة ؛ على ما سبق في الصفات (٥) وعلى هذا الأصل ، يجب أخذ الغيرية قيدا فى حد المثلين ، والخلافين.
__________________
(١١)/ / أول ل ٣٩ / ب من النسخة ب.
(١) الصيمرى : عباد بن سليمان الصيمرى المتوفى سنة ٢٥٠ ه سبقت ترجمته فى الجزء الأول فى هامش ل ٦٤ / ب.
(٢) أبو الهذيل العلاف : سبقت ترجمته فى الجزء الأول فى هامش ل ٧٢ / ب
(٣) انظر ما سبق فى الجزء الأول ـ النوع السابع : فى أسماء الله الحسنى ل ٢٩٢ / أوما بعدها.
(٤) انظر ما سيأتى فى القاعدة السابعة ل ٢٤٠ / ب وما بعدها.
(٥) راجع ما سبق فى الجزء الأول ل ٥٤ / أوما بعدها.