وإن كان الثانى : فلا بد من / تصويره ، والدلالة عليه ، ولا يقتنع بمجرد العبارة الخلية عن المعنى.
وقد سلك الأصحاب فى الرد على هذا المذهب (١) طريقين آخرين :
الأول : أنه لو كان تماثل الجواهر ، واختلافها بما قام بها من الأعراض التى هى فى حكم المماثلة ، والاختلاف ، للزم منه أن يقضى بالتماثل ، والاختلاف على الجوهرين معا عند ما إذا اتصفا بالبياض ، وأحدهما بالحركة والآخر بالسكون ، وهو محال.
الثانى : أنه يلزم منه أن يكون الجوهر الواحد مماثلا لنفسه أو مخالفا لنفسه ، عند ما إذا تعاقب عليه بياضان ، أو بياض وسواد ، فى وقتين مختلفين ؛ وهما ضعيفان.
أما الأول : فلأنه لا يمتنع بالتفريع على المذهب المذكور أن يقال بالتماثل بين الجوهرين من وجه ، والاختلاف من وجه.
وأما الثانى : فمن جهة أن التماثل ، والاختلاف ، وإن كانا على مذهب هذا القائل بالأعراض غير أنه مشروط بالتغاير ؛ ولا مغايرة بين الشيء ، ونفسه.
وإذا عرف معنى المثلين ، والخلافين.
فاعلم أن من قال المثلان : كل موجودين اشتركا فى جميع الصفات النفسية والخلافان : ما اختص كل واحد عن الآخر ببعض الصفات النفسية ؛ فلا يتصور عنده أن يقال بتماثل الشيئين من وجه ، واختلافهما من وجه ، إذ التماثل يوجب الاشتراك فى جميع الصفات النفسية ، والاختلاف مانع منه ؛ وهو متناقض محال.
ومن قال : بأن كل شيئين اشتركا في أى صفة كانت من صفات الإثبات لم يمنع أن يقال : باختلاف الشيئين من وجه ، وتماثلهما من وجه ؛ بناء على ما وقعت به المشاركة بينهما ، والاختلاف.
__________________
(١) قارن بما ورد فى الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٢٩٥ وما بعدها.