أن يقال : الضدان كل معنيين يستحيل اجتماعهما فى محل واحد لذاتيهما من جهة واحدة.
فقولنا : معينان : احتراز عن الوجود ، والعدم والأعدام بعضها مع بعض ، والجواهر بعضها مع بعض ، والجواهر مع الأعراض والقديم مع الحادث ؛ فإنها غير متضادة.
وقولنا : ويستحيل اجتماعهما : احتراز عن الأعراض المختلفة التى ليست متضادة ؛ كما ذكرناه فى مثال السواد مع الحلاوة.
وقولنا : فى محل واحد ؛ لأن التضاد لا تحقق له عندنا دون قيام المعنيين بمحل واحد ؛ وفيه احتراز عن مذهب أكثر المعتزلة حيث أنهم لم يشترطوا فى التضاد قيام المعنيين بمحل واحد ؛ بل قالوا : إن العلم بالسواد مثلا إذا قام بجزء من القلب فإنه يضاد الجهل بالسواد ، وإن قام بجزء آخر من ذلك القلب ؛ لأنهما لو اجتمعا لوصفت الجملة بأنها عالمة بالسواد ، وجاهلة به فى حالة واحدة ؛ وهو محال. بناء على أصلهم أن الصفات التى من شرطها الحياة إذا قامت ببعض الجملة يثبت حكمها للجملة [بل زادوا على ذلك ولم يشترطوا فى بعض المتضادات ، قيامها بالمحل أصلا حيث أنهم قالوا : الإرادة الربانية فى محل] (١) مضادة للكراهية الربانية لا فى محل ، نظرا / إلى امتناع اجتماع حكميهما لله ـ تعالى ـ هو كونه مريدا لشيء واحد ، وكارها له.
ونحن سنتبين امتناع تعدى حكم الصفة عن محلها الّذي هى قائمة به ، وقد أبطلنا القول : بقيام إرادة لا فى محل فى مسائل الصفات (٢).
كيف وأنه لو قيل لهم من أصلكم أنه يستحيل الجمع بين الموت والحياة ؛ مع عدم التضاد.
فما المانع لو سلم لكم امتناع الجمع بين العلم بالسواد ، والجهل به فى جزءين من القلب.
أن يكون ذلك لا بجهة التضاد ؛ بل بضرورة امتناع اجتماع (١١) / / الحكمين كما قاله بعض المتأخرين منهم ؛ لم يجدوا إلى دفعه سبيلا.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) راجع ما مر من الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع الثانى ل ٦٥ / أوما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٤١ / أمن النسخة ب.