وقولنا : لذاتيهما : احتراز عن علم الإنسان بسكونه ، مع حركته ؛ فإنهما وإن تعذر اجتماعهما ؛ فليسا متضادين ؛ لأن امتناع الجمع بينهما ، لم يكن لذاتيهما ؛ بل بواسطة ؛ وذلك لأن العلم بالسكون يلزمه السكون ، وإلا كان العلم بالشيء على خلاف ما هو عليه ، وهو ممتنع. والسكون مضاد [للحركة ؛ لاستحالة الجمع بينهما لذاتيهما ؛ فكان امتناع الجمع بين العلم بالسكون ونفس (١)] الحركة بواسطة مضادة السكون اللازم للعلم به للحركة.
فلم يكن امتناع الجمع بين العلم بالسكون ، والحركة لذاتيهما ؛ بل بواسطة ؛ فلا يكونان متضادين ، وسواء اتحد محل العلم بالسكون والحركة أو اختلف : كعلم الواحد منا بسكون غيره ، وحركة ذلك الغير ؛ فإنهما لا يجتمعان ؛ لما ذكرناه. وإن اختلف محلهما.
وعلى هذا : فلا تضاد بين العجز ، والحركة الاختيارية.
فإنّ تعذر الجمع بينهما ليس لذاتيهما ، بل بواسطة مضادة العجز للقدرة وامتناع وجود الحركة الاختيارية ؛ لعدم القدرة عليها.
فلم يكونا متضادين ، وعليك بالتنبيه لكل ما يرد من هذا القبيل.
فإن قيل : فالموت عند معظم أصحابكم ، وعلى ما قررتموه فى أضداد العلوم ؛ مضاد للعلم ، وعلى ما قررتموه فى تحقيق التضاد من استحالة الجمع بين المعنيين لذاتيهما ؛ فيمتنع أن يكون الموت ضدا للعلم.
فإنه لا مانع من أن يقال : بأن امتناع الجمع بين الموت ، والعلم لا لذاتيهما ؛ بل لفوات شرط العلم بالموت ؛ وهو الحياة كما قاله المعتزلة ، وبعض أصحابكم.
قلنا : لو امتنع التضاد بين الموت ، والعلم بناء على ما ذكروه ؛ لامتنع بذلك أيضا التضاد مطلقا ؛ وهو خلاف اجماع العقلاء ؛ وذلك لأنه ما من شيئين يقدر التضاد بينهما إلا ويمكن أن يقال : لا تضاد بينهما ، وامتناع وجود أحدهما مع الآخر ، لم يكن لتضادهما ، بل لفوات شرطه.
__________________
(١) ساقط من (أ).