وما جاز قيامه بالمتحيّز ، وجب قيامه به. وكلّ ما هذا شأنه ؛ فهو عرض قائم بالمتحيّز ؛ وليس قسما ثالثا.
وهو ضعيف أيضا : فانّه ما المانع من وجود ما ليس متحيزا ، ولا قائما بالمتحيز ويمتنع اختراعه بحيث المتحيز كما أنه يمتنع اختراع العرض غير قائم بالمتحيز. وإن سلم جواز اختراعه بحيث المتحيّز ؛ ولكن لا نسلم وجوب قيامه بالمتحيز.
وما المانع من جواز قيامه بالمتحيز إذا خلق فى حيثه ، وقائما بنفسه. وإذا لم يخلق فى حيث المتحيز وبه ينفصل عن العرض حيث أنه لا تصور لوجوده إلا فى حيث المتحيز.
وربما أورد بعض الكبار هاهنا تخبيطات ، وعبارات عرية عن التحصيل يعرفها من له أدنى تنبه بأوائل النظر ؛ آثرنا الإعراض عن ذكرها شحا على الزمان بتضييعه فى ذكر ما لا يفيد.
والأقرب فى هذا الباب أن يقال : وجود ممكن ليس متحيزا ، ولا قائما بالمتحيّز مما لم يضطر إليه عقل ، ولا دل عليه دليل كما سبق فى المسلك الأول. وما هذا شأنه ؛ فلا سبيل إلى إثباته.
وسواء كان ثابتا فى نفس الأمر ، أو لم يكن ثابتا. وما يتخيل دليلا على ذلك ؛ فقد أبطلناه فى الردّ على الفلاسفة (١) حيث قالوا بوجود خالق غير الله ـ تعالى ـ فهذا ما عندى فيه ، وعسى أن يكون عند غيرى غيره وعليك / بالاجتهاد فى حل الإشكال إن أطقت.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ الفرع الثانى : فى الرد على الفلاسفة ل ٢١٨ / أوما بعدها.