إلا أن يدل الدليل على إرادة التجوز ، والأصل عدمه ؛ فمن ادعاه يحتاج إلى الدليل ، وإذا كان حقيقة فيجب أن يكون حد القديم جامعا لما لا أول لوجوده ، وما لوجوده أول [ولذلك قال الشيخ أبو الحسن الأشعرى : القديم هو المتقدم فى الوجود على شرط المبالغة ـ وهو وإن كان أعم من الّذي قبله لتناوله ما لا أول لوجوده ، وما لوجوده أول] (١) ، إلا أنه غير جامع بالنظر إلى العدم القديم بما أسلفناه.
فالأولى أن يقال : القديم هو ما (٢) تقدم تحقيقه ، وتقادم فى نفسه (٢) فإنه يعم الوجود ، والعدم ، وما لا أول لوجوده ، وما لوجوده أول.
وأما الحادث (٣) : فقد اختلفت عبارات الناس فيه أيضا فقال بعض المتكلمين : الحادث : هو الّذي كان بعد أن لم يكن ، وقال آخر : هو ما لم يكن ثم كان. وقال آخر : هو الموجود بعد العدم.
ويرد على هذه العبارات إشكالات :
الأول : ما أورده ابن الراوندى (٤) ، وهو أن (١١) / / قال : هذه العبارات تتضمن ترتيب شيء بعد شيء. والقائل بها لا يخلو : إما أن يكون قائلا : بأن المعدوم الممكن شيء ، أو ليس بشيء.
فإن كان الأول : فقد أوجب حدوث الحادث ، بعد نفسه ، والشى لا يكون بعد نفسه.
وإن كان الثانى فهو عدم صرف ، ونفى محض ، وما هو بهذه المثابة لا يتحقق ترتيب شيء عليه.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) من أول قوله : «ما تقدم تحقيقه .. إلى قوله : في نفسه» ساقط من ب.
(٣) عرف الآمدي الحادث في كتابه المبين ص ١١٩ فقال : و «وأما الحادث : فقد يطلق ويراد به ما يفتقر إلى العلة ، وإن كان غير مسبوق بالعدم : كالعالم ، وعلى ما لوجوده أول وهو مسبوق بالعدم. فعلى هذا : العالم إن سمى عندهم قديما : فباعتبار أنه غير مسبوق بالعدم ، وإن سمى حادثا : فباعتبار أنه مفتقر إلى العلة فى وجوده».
(٤) ابن الراوندى : سبقت ترجمته فى هامش ل ٢٣١ / أمن الجزء الأول.
(١١)/ / أول ل ٤٤ / أمن النسخة ب.