الرابع : أنه لو كان مدلول اسم الإله ، والقديم واحدا ؛ لكان من اعتقد كون العالم قديما ؛ معتقدا كونه إلها ؛ وهو محال.
الخامس : أنه لو كان القدم أخص وصف الإله ـ تعالى ـ للزم على أصلهم أن يكون القديم مخالفا للحادث بأخص وصفه ؛ وهو القدم.
ولا بد وأن يكون الحادث مخالفا له أيضا ؛ لأن ما خالف شيئا ؛ فذلك الشيء مخالف له أيضا.
ويلزم من ذلك أن يكون الحادث ، مخالفا للقديم بحدوثه كما كان القديم مخالفا للحادث بقدمه ، ويلزم أن يكون الحدوث أخص وصف للحادث ، كما كان القدم أخص وصف القديم.
ويلزم من ذلك تماثل جميع الحوادث ؛ ضرورة اشتراكها فى الوصف الأخص وهو الحدوث ؛ وهو / محال.
وهذا المحال إنما لزم من القول بأن القدم أخص وصف الإله ـ تعالى ؛ فهو محال.
ولا يمكن أن يقال بأن مخالفة الجوهر الحادث للقديم يقال بكونه جوهرا ؛ لا حادثا ؛ لأنه يلزم منه أن من اعتقد قدم بعض الجواهر ، وحدوث البعض أن لا يحكم بالاختلاف بين القديم ، والحادث منها ، ضرورة التماثل فى الجوهرية ؛ وهو محال.
ولا الاختلاف بين الإله ـ تعالى ـ والجوهر القديم ؛ ضرورة اشتراكهما في أخص وصف الإله ـ تعالى.
وذهبت الفلاسفة ، وبعض قدماء أصحابنا : إلى أن القديم هو الموجود الّذي لا أول لوجوده ؛ وهو مدخول من وجهين : الأول : أن القديم (١) قد يطلق حقيقة على الوجود والعدم ، فإن الحوادث الموجودة فى وقتنا هذا معدومة فى الأزل وعدمها قديم أزلى.
وإذا كان كذلك فالقول : بأن القديم هو الموجود الّذي لا أول له ؛ لا يكون جامعا.
الثانى : وإن كان القديم مختصا بالوجود ، إلا أنه أيضا غير جامع. فإن القديم قد يطلق أيضا على ما عتق ، وطالت مدته بطريق المبالغة بدليل ما ذكروه من الإطلاقات ، والنصوص والأصل فى الإطلاق الحقيقة.
__________________
(١) عرف الآمدي القديم فقال : «وأما القديم : فقد يطلق على ما لا علة لوجوده ؛ كالبارى ـ تعالى.
وعلى ما لا أول لوجوده ؛ وإن كان مفتقرا إلى علة : كالعالم على أصل الحكيم» [المبين للآمدى ص ١١٩].