الحادث : هو الموجود الّذي له أول.
وقال ابن الراوندى (١) : أول الحادث إما أن يكون هو نفس الوجود ، أو غيره.
فإن كان الأول : لزم أن يكون الشيء أول نفسه ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : فذلك الأول أيضا حادث ؛ ضرورة كونه صفة للحادث ، والكلام فيه : كالكلام فى الأول ؛ ويلزم منه وجود حوادث لا أول لها تنتهى إليه.
وجوابه أن يقال : المراد من كون الحادث له أول أن وجوده مسبوق بوجود الأولى كما قال : الشيخ أبو الحسن الأشعرى.
وعلى هذا ؛ فلا تسلسل.
ويمكن أن يقال : معنى الأولية أنه ليس بأزلى والتسلسل أيضا لا يكون لازما.
وعلى هذا : فلو قيل الحادث هو الموجود الّذي ليس بأزلى ؛ لكان أولى وأدل على الغرض ، وأنفى لما قيل من التشكيكات.
فإن قيل : مسمى الحادث : إما أن يكون هو نفس مسمى الوجود ، أو زائد عليه.
فإن كان الأول : فهو محال لوجهين :
الأول : أنه يلزم منه أن يكون كل موجود حادثا ، وليس كذلك.
الثانى : أنه يلزم منه أن من علم (١١) / / كون الشيء موجودا ، أن يعلم كونه حادثا ؛ ضرورة اتحاد المعنى ؛ وهو خلاف الموجود من أنفسنا.
وإن كان زائدا عليه : فإما أن يكون وجودا ، أو عدما.
فإن كان وجودا : فإما قديم ، أو حادث.
لا جائز أن يكون قديما : إذ هو صفة لما ليس بقديم. وإن كان حادثا : فالكلام فيه : كالكلام فى الأول ، وذلك يجر إلى حوادث لا أول لما تنتهى إليه.
وإن كان عدما : فهو محال.
__________________
(١) سبقت ترجمته فى هامش ل ٢٣١ / أمن الجزء الأول.
(١١)/ / أول ل ٤٤ / ب.