فإنه وإن كان كل واحد منها حادثا ، غير أنها لا أول لها تنتهى إليه ؛ بل هى لا / تتناهى لا شدة ولا عدة ، وما من (١١) / / كائن إلا وقبله كائن آخر ، إلى ما لا يتناهى ، على ما أوضحناه من تفصيل مذهبهم ، وتحقيق معتقدهم ، فى ترتيب العلل ، والمعلولات وضبط مذهبهم فيما يتناهى ، وما لا يتناهى.
وزعموا : أن العالم ، وما فيه من الأجرام العلوية ، والسفلية ولواحقها ؛ لم يزل على هذه الهيئة والتدبير من الأزل وكذلك لا يزال.
وذهب بعض قدماء الفلاسفة : إلى أن أصل العالم ، وجوهره قديم وأحال وجود كائنات متعاقبة غير متناهية وهؤلاء اختلفوا :
فمنهم من قال : أصل العالم أجزاء جسمانية ، كرية ، مثبتة فى أبعاد خلائية ، غير متناهية ، وجدت عن واجب الوجود ، إما بواسطة ، أو غير واسطة ، وأنها لم تزل متحركة ، ضرورة تشابه أجزاء الخلاء. وأنه ليس القول بسكونها فى بعض أجزائه ، دون البعض أولى من العكس.
فاتفق أن تصادمت ؛ فحصل منها كرات الأفلاك على الأشكال المخصوصة ، ولزم أن تكون متحركة ضرورة كريتها ، وأنه ليس القول ببقائها على بعض الأوضاع ؛ لتشابه أجزائها وأوضاعها ؛ أولى من البعض.
فاتفق أن ما قرب منها مما فى مقعرها إن سخن بسبب حركتها غاية السخونة ؛ فكان منه ألطف الأجسام العنصرية : وهو النار (١) ثم ما يليه دونه فى اللطافة : وهو الهواء ، ثم ما يليه ، فدونه فى اللطافة : وهو الماء ، وما بعد عنها غاية البعد ، وهو التراب ففى غاية الغلظ ، والكثافة. وعن هذه العناصر الأربعة تكون أنواع المركبات.
ومنهم من قال كان أصل العالم وهو هيولاه فى حكم الموجود الواحد لا انقسام فيه.
__________________
(١١)/ / أول ل ٤٥ / أمن النسخة ب.
(١) عرف الآمدي النار والهواء والماء والتراب فقال : وأما النار : فعبارة عن جرم بسيط حار يابس».
وأما الهواء : فعبارة عن جرم بسيط حار رطب.
وأما الماء : فعبارة عن جرم بسيط بارد رطب.
وأما التراب : فعبارة عن جرم بسيط بارد يابس».
[المبين فى شرح معانى ألفاظ الحكماء والمتكلمين ص ٩٩].