ولا جائز أن يكون ممتنع الوجود لذاته : وإلا لما تصور عليه الوجود ؛ إذ لا معنى لممتنع الوجود لذاته ، إلا ما لو فرض موجودا ؛ عرض عنه المحال لذاته ؛ وقد قيل : إنه موجود ؛ فلم يبق إلا أن يكون ممكنا لذاته ، وإذا كان ممكنا لذاته : فإما أن يفتقر فى وجوده إلى مرجح ، أو لا يفتقر.
لا جائز أن يقال : بأنه لا يفتقر إلى المرجح ؛ لما سبق فى إثبات واجب الوجود (١).
وإن افتقر فى وجوده إلى المرجح : فالمرجح : إما أن يكون حادثا ، أو قديما.
فإن كان حادثا : فالكلام فيه : كالكلام فى الأول.
وعند ذلك : فإما أن يقال بأن كل حادث ، يفتقر إلى حادث أو يقال : بالانتهاء إلى مرجح قديم ؛ لا أول له.
فإن كان الأول : لزم التسلسل ، أو الدور ؛ وهو ممتنع.
وإن كان الثانى وهو أن مصدر جميع الحوادث موجود ، قديم لا أول له ؛ فذلك القديم المرجح للحادث :
إما أن يكون مرجحا لوجود الحادث لذاته ، أو بالقدرة ، والإرادة. / فإن كان مرجحا بذاته : فإما أن يكون عند حدوث الحادث : كهو قبله ، أو أنه تجدد له أمر لم يكن ؛ ويكون حدوث ذلك الحادث متوقفا عليه.
فإن كان الأول : لزم استمرار العالم على العدم ، أو أن يكون وجوده ملازما لوجود علته القديمة ؛ فيكون قديما ؛ ضرورة عدم الفرق بين حالة حدوث الحادث ، وحالة عدمه. والأول : محال مخالف للمشاهدة.
(١١) / / والثانى : هو المطلوب. وإن تجدد له أمر لم يكن : فالكلام فى تجدد ذلك الأمر كالكلام فى الأول ؛ ويلزم منه التسلسل ، أو الدور ؛ وهو ممتنع.
وإن كان المرجح مرجحا بالقدرة ، والإرادة ؛ فهو ممتنع ؛ لأربعة أوجه :
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الأول : فى إثبات واجب الوجود ل ٤١ / أوما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٥١ / أمن النسخة ب.