الأول : أنه إما أن يكون تخصيصه للحادث بوقت حدوثه متوقفا على تجدد أمر لم يكن ، أو لا يكون متوقفا عليه.
فإن كان الأول : لزم التسلسل أو الدور.
وإن كان الثانى : فتخصيصه للحادث بوقت حدوثه ، دون ما قبله وما بعده ، يكون لا بمخصص ، وليس أحد الأوقات بالحدوث أولى من البعض الآخر ؛ ضرورة التساوى ؛ وهو ممتنع.
الثانى : أنه لو كان مختارا : فإما أن يكون موجدا للعالم ؛ لغرض ، أو (١) لا لغرض (١) فإن كان لا لغرض فكل مختار فعل فعلا لا لغرض ؛ فهو سفيه عابث ؛ والرب منزه عنه.
وإن كان لغرض : فلا بد وأن يكون حصول ذلك الغرض ، له من الفعل ، أولى من عدمه ، وإلا لما كان غرضا ، ويلزم من ذلك أن يكون الرب ـ تعالى ـ مستكملا بإيجاد العالم ، وناقصا ، قبل إيجاده ؛ وهو محال.
الثالث : أنه لا يخلو عند القصد والغرض الداعى : إما أن يكون الرب ـ تعالى ـ مخيرا بين الفعل ، والترك ، أو لا يكون مخيرا.
فإن كان الأول : فترك الفعل ؛ ليس عدما محضا ؛ لأن العدم المحض ، ليس من فعل المختار.
والتخيير : إنما يكون بين فعلين. لا بين الفعل ، وما ليس بفعل ، فإذن ترك الفعل : فعل ؛ وهو التلبس بضد من أضداده ؛ على ما سبق (٢).
فترك الإيجاد فى الأزل. يكون فعلا لضد العالم ، والعالم لا ضد له. وبتقدير أن يكون له ضد : فضده أزلى. والوجود الأزلى ، لا يزول وحدوث العالم ، مع بقاء ضده ؛ يكون ممتنعا.
وإن لم يكن مخيرا. كان مجبورا ، مقهورا. وخرج عن كونه مختارا ؛ وهو أيضا محال (٣).
__________________
(١) (أولا لغرض) ساقط من ب.
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الثانى ـ الفرع السابع ، الفصل الحادى والعشرون : فى الترك وتحقيق معناه. ل ٢٥٧ / أ.
(٣) راجع ما تقدم فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الثالث : فى أنه لا مخصص للجائزات إلا الله ـ تعالى ـ وأنه مريد لكل كائن ، وغير مريد لما لم يكن ل ٢٨١ / ب وما بعدها.