وذهب الجبائى : إلى أن الفناء الواحد لا يكفى فى عدم جميع الجواهر ؛ بل لا بد وأن يخلق الله ـ تعالى ـ لكل جوهر فناء يخصه (١).
ومن المتكلمين من قال :
فناء الجواهر : إنما يكون بفوات شرط من شروط بقائه
ثم اختلف هؤلاء :
فمنهم من قال ـ تفريعا على أن الجواهر باقية ببقاء ـ أن طريق فناء الجواهر : إنما يكون بقطع بقائها ؛ وذلك بأن لا يخلقه الله ـ تعالى ـ لها.
لكن منهم من قال : بأن بقاء كل جوهر قائم به ، وهذا هو مذهب الشيخ أبى الحسن الأشعرى.
ومنهم من قال : بأن كل جوهر باق ببقاء قائم ، لا فى محل وهذا هو مذهب بشر المريسى (٢) من المعتزلة.
ومنهم من قال : طريق فناء الجواهر : إنما يكون بقطع الأعراض التى لا خلو للجواهر عنها بأن لا يخلقها الله ـ تعالى ـ لها ؛ فتنعدم ضرورة استحالة خلوها عنها
وهذا هو مذهب القاضى أبى بكر فى قول آخر.
وأما معرفة صحة الفناء فقد قال المتأخرون من المعتزلة : كأبي هاشم وأتباعه ، أنه لا طريق إلى معرفة ذلك غير السمع.
وذهب الباقون من القائلين بالفناء : إلى جواز معرفة ذلك عقلا.
وإذ أتينا على شرح المذاهب ، وتفصيلها. فلا بد من إبطال المذاهب الواهية منها ، وما هو المختار.
__________________
(١) انظر المصدر السابق.
(٢) بشر المريسى : ... ـ ٢١٨ ه ـ ... ـ ٨٣٣ م.
بشر بن غياث بن أبى كريمة عبد الرحمن المريسى ، أبو عبد الرحمن. فقيه معتزلى عارف بالفلسفة ، يرمى بالزندقة. وهو شيخ الطائفة (المريسية) القائلة بالإرجاء ؛ كما قال برأى جهم ، وأوذى فى دولة الرشيد. وهو من أهل بغداد ، وعاش ما يقرب من سبعين عاما وتوفى سنة ٢١٨ ه وللدارمى كتاب فى الرد على المريسى.
كما ناظره الإمام الشافعى وأبطل مذهبه.
[وفيات الأعيان ١ / ٩١ وتاريخ بغداد ٧ / ٥٦ ولسان الميزان ٢ / ٢٩].