وإن لم يفتقر إلى مقتض للعدم (١)] فيلزم منه ترجيح أحد الجائزين من غير مرجح ؛ وهو ممتنع ؛ لما سبق فى مسألة إثبات واجب الوجود (٢).
وأيضا : فإنه ثبت بما بيّنّاه فى مسألة حدوث العالم (٣) أنّ وجود العالم لا بد وأن يستند إلى علة واجبة الوجود لذاتها غير قابلة للتغير ، فلو تغير معلولها ؛ للزم تغيرها ؛ وهو محال.
وأيضا : فإن كل ما عدم بعد وجوده ؛ فلا بد وأن يكون عدمه ممكنا فى حالة عدمه
والإمكان صفة وجودية ، ولا بد له من محل يقوم به ، ويكون وجوديا ؛ وذلك المحل هو الهيولى (٤)
فإذن الهيولى أبديّة غير منقطعة
وأيضا : فإن كل ما عدم بعد وجوده :
فإما أن يكون له بعد هو فيه معدوم ، أو لا بعد له.
فإن كان الأول : فذلك البعد هو الزمان ؛ وتقريره على ما تقدم فى القبل
فإذن الزمان لا يكون منقطعا.
وإن لم يكن بعد ؛ فهو أبدى
وأيضا : فإنّا بينا فيما تقدم (٥) ، امتناع العدم على الأفلاك ، وسنبين امتناع العدم على الأنفس الإنسانية (٦).
قلنا : أما قولهم : إن الفناء ممتنع باعتبار أمر خارج ممنوع.
__________________
(١) ساقط من «أ».
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الأول : فى إثبات واجب الوجود ل ٤١ / أوما بعدها.
(٣) راجع ما سبق فى الأصل الرابع : فى حدوث العالم. ل ٨٢ / ب وما بعدها.
(٤) الهيولى : لفظ يونانى بمعنى الأصل والمادة. وفى الاصطلاح هى جوهر فى الجسم ، قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال ، محل للصورتين الجسمية والنوعية. (التعريفات للجرجانى ص ٢٨٧)
(٥) راجع ما سبق فى النوع الثالث ـ الفرع السادس ل ٣١ / أ.
(٦) انظر ما سيأتى فى القاعدة السادسة ل ٢٠٦ / أوما بعدها.