فنقول : أما إطلاق لفظ الشيء / بإزاء الموجود (١١) / / فعلى وفق اللغة واصطلاح (١) أهل اللسان (١) وسواء كان الموجود قديما ، أو حادثا.
ولهذا فإنا وجدنا اصطلاح أهل اللسان فى كل عصر وأوان ، متناطقين بلفظ الشيء بإزاء الموجود.
وأنه لو قال قائل الموجود شيء لم ينكر عليه منكر من أهل اللغة والأصل فى الإطلاق الحقيقة. ثم لو كان ذلك مجازا لصح نفيه
ونسلم أنه لو قال القائل : الموجود ليس بشيء لبادر إلى الإنكار عليه كل من شد طرفا من العربية ، وكان عارفا باصطلاح أهل اللسان حتى العوام.
ومن لم يتوغل فى العربية. توغل الأئمة من أهل اللغة من غير فرق بين أن يكون الموجود قديما ، أو حادثا ، أو جسما ، أو عرضا ؛ فمن ادعى الفرق بين القديم والحادث ، أو الجسم والعرض حتى أنه جعل ذلك حقيقة فى البعض ، دون البعض مع تحقق الوجود فى الكل ؛ فلا بد له من دليل نقلى عن أهل الوضع ، أو الشرع يدل على التفرقة ، لتعذر استفادة ذلك من العقل ، ولا سبيل إليه.
ويخص القائل : بأن الشيء هو الجسم : صحة إطلاق الشيء على ما ليس بجسم ، ويدل عليه قوله ـ تعالى ـ (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) (٢) وأراد به ادعاؤهم لله ـ تعالى ـ ولدا.
وقوله ـ تعالى ـ (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) (٣) وأراد به تبديلهم وتحريفهم.
وأما من زعم أن الشيء هو المعلوم : فيلزمه تسمية المعدوم المستحيل الوجود شيئا ؛ ضرورة كونه معلوما ؛ على ما تقرر فى الفصل المتقدم (٤).
ومن أطلق اسم الشيء على المعدوم حقيقة ، أو تجوزا فلا بد له من مستند. والمستند فى ذلك إنما هو النقل دون العقل على ما تقدم. والأصل عدمه ؛ فمن ادعاه يحتاج إلى بيانه.
__________________
(١١)/ / أول ل ٥٧ / ب.
(١) (واصطلاح أهل اللسان) ساقط من ب.
(٢) سورة مريم ١٩ / ٨٩.
(٣) سورة القمر ٥٤ / ٥٢.
(٤) راجع ما سبق ل ١٠٧ / أ.