ومع هذا فقد نقل بعض أصحابنا عنهم : أنهم جعلوا الحركة الإرادية علة كون المحل متحركا بخلاف الحركة الطبيعية.
ومع صحة هذا النقل ؛ فالفرق يكون تحكما. فإذن قد بان أنه لا وجه للفرق بين عرض ، وعرض ؛ وإليه ذهب القائلون بالأحوال من أصحابنا ، وإن كان القاضى أبو بكر قد تردد فيه.
هذا : وأما الحال غير المعللة : فهى كل حال ثبتت للذات غير معللة. بمعنى قام بالذات : كالوجود عند القائل بكونه زائدا على الذات ، وكالصفات التابعة للوجود : ككون الجوهر / متحيزا ، متحركا ، ونحوه.
وقد اتفق القائلون بالأحوال : على أنها ليست موجودة ، ولا معدومة.
وتردد قول أبى هاشم : فى كونها شيئا مع اتفاق أصحابنا على أنها لا توصف بأنها شيء ، ولا بأنها ليست شيئا.
واختلفوا فى كونها معلومة ، مقدورة ، مرادة ، مذكورة ، مخبرا عنها.
فذهب أبو هاشم ، ومن تابعه من المعتزلة : إلى أنها غير معلومة على حيالها ؛ لأن المعدوم على أصله شيء. والشيء ما كان موجودا ، أو بعرضية الوجود
والحال ليست كذلك ، وليست مجهولة ؛ لأن الجهل عندهم من جنس العلم كما سبق تحقيقه ، فما لا يكون معلوما ؛ لا يكون مجهولا.
ولا هى مقدورة ، ولا مرادة ، ولا مذكورة ، ولا مدلولة ، ولا مخبرا عنها على حيالها ؛ بل الذات هى المعلومة ، المقدورة ، المرادة ، المذكورة ، المدلولة المخبر عنها على حالتها.
وأما القائلون بالأحوال من أصحابنا : فإنهم قالوا : بكونها معلومة ، مقدورة إلى غير ذلك من الصفات على حيالها.
والّذي أراه : أن حاصل الخلاف هاهنا لا يؤول إلى غير العبارة فإن أبا هاشم : وإن قال بأن الحال ليست معلومة ؛ لكونها ليست بشيء على ما علم من مذهبه : أن الشيء هو