وقولنا : لا توصف بكونها موجودة ، ولا معدومة : احتراز من الصفات الوجودية : كالعلم ، والقدرة ، والسواد ، / والبياض ، ونحوه. ويدخل فيه صفة الوجود ؛ فإنه عند من جعله زائدا على الذات حال ؛ لأنه لا يوصف بكونه موجودا ، ولا معدوما.
وأما أقسام الحال : فهى تنقسم إلى معللة ، وغير معللة.
أما المعللة فهى كل حال ثبتت للذات لمعنى قام بالذات : ككون العالم عالما ، والقادر قادرا ، ونحوه ؛ فإنه معلل بقيام العلم ، والقدرة بذاته.
وقد اتفق أبو هاشم ، ومن تابعة : على القول بالأحوال من المعتزلة ، وأصحابنا على أن الحياة وكل صفة يشترط فى قيامها بمحلها الحياة ، وكذلك الأكوان أنها توجب لمحلها أحوالا معللة بها.
وأما ما عدا ذلك من الصفات التى ليست بحياة ، ولا يشترط فى قيامها بمحلها الحياة ، ولا هى أكوان : كالسواد ، والبياض ، وغير ذلك من الأعراض ؛ فقد قال أبو هاشم : إنها لا توجب لما قامت به من المحال حالا زائدة.
ومستنده فى الفرق : أن الأكوان وما من شرطه الحياة من الصفات ، وكذلك نفس الحياة ؛ إنما يتوصل إلى معرفته من معرفة كون ما قام به عالما ، وقادرا ، وحيّا ، ومتحركا ، إلى غير ذلك.
ولا كذلك فى السّواد ، والبياض ، ونحوه من الصفات العرضية ، فإنه مشاهد مرئى ؛ فلا يفتقر فى الاستدلال عليه بكون ما قام به أسود ، أو أبيض ؛ فلهذا جعل علّة ثم ، ولم يجعل علة هاهنا. والمحقق يعلم أن التوصل إلى معرفة وجود العلة من حكمها ؛ إنما هو فرع معرفة كونها علة للحكم ، وكون الحكم معلولا لها ؛ فلو دفعنا جعل الوصف علة على دلائل حكمها عليه ؛ لكان دورا ممتنعا.
كيف : وأن الحركة. قد تكون عندهم طبيعية : وليس من شرطها : الحياة. وقد تكون إرادية : من شرطها : الحياة. ولا محالة أن نسبة الحركة الطبيعية إلى كون المحل متحركا : كنسبة الحركة الإرادية إلى كون المحل متحركا فيما يرجع إلى المعرفة والخفاء.